ومن الأمور الاعتقادية لدى المسلمين: الإيمان بالغيبيات وبكل ما أخبرنا الله به ورسوله، سواء أوافق ذلك عقولنا أم لا.
ومنها وجود مخلوقات غيبية لا يمكن لنا رؤيتها وإدراكها بحواسنا في الحالات العادية اسمها ( الجن )، وقد أخبرنا الله سبحانه وتعالى بوجودهم بشكل قاطع لا يحتمل الشك ولا يحتاج إلى التأويل حيث قال تعالى: ﴿ وما خلقت الجن والإنس إلا ليعبدون ﴾ ( الذاريات: ٥٦ ).
وفي القرآن سورة تتحدث عنهم اسمها سورة (( الجن )) وقد تعددت وقائع وفادة الجن إلى النبي - ﷺ - كما ثبت في الأحاديث الصحيحة(١).
وإنكار المنكر لهذه الحقيقة يعد تكذيباً للمخبر الصادق؛ حيث تعرض القرآن الكريم في حوالي أربعين آية من عشر سور تقريباً للحديث عنهم.
لكن الفلاسفة القدماء ومتفلسفة المحدثين قد أنكروا وجود هؤلاء المخلوقات بأدلة تافهة لا تستحق المناقشة أو الرد عليها.
وقد نحا هذا المترجم -الذي نحن بصدد الحديث عنه- نحو هؤلاء الفلاسفة؛ حيث ملأ ما يقارب عشر صفحات في حاشية ترجمة سورة الأحقاف عند قوله تعالى: ﴿ وإذ صرفنا إليك نفراً من الجن يستمعون القرآن فلما حضروه قالوا أنصتوا فلما قضي ولوا إلى قومهم منذرين ﴾ (الأحقاف: ٢٩) بأفكاره المنحرفة حيال هذا الموضوع فقال ما ملخصه:
انظر: رقم الحديث ٤٩٢١ فتح الباري ٨/٥٣٧.