هذه المؤشرات التاريخية تكاد تؤكد لنا أسبقية المناطق الساحلية الجنوبية الغربية على غيرها من المناطق الهندية في احتضانها الدين الإسلامي الحنيف، وبخاصة منطقة مليبار المعروفة منذ القدم بالعلاقة الوطيدة بينها وبين العرب لكثرة ترددهم إليها، أضف إلى ذلك ما يوجد اليوم في المساجد القديمة التي يعتقد أنها بنيت في العصر الأول من صخور وأحجار منقوش عليها تاريخ التأسيس، ويرجع ذلك إلى عهد عمر رضي الله عنه (١).
المبحث الثالث : العرب واللغة العربية في مليبار
عندما دخل الإسلام إلى كثير من البلدان الأعجمية عن طريق مسلمي العرب الفاتحين، انتشرت في بلادهم اللغة العربية وبرزت اهتماماتهم بها حتى تبوأت مكانة بارزة في تلكم البلاد إلى يومنا هذا، وكان نصيب الهند من الدين الحنيف عن - طريق الفتح – جاء في وقت متأخر نسبياً عندما دخل محمد بن قاسم الثقفي في شمالي شبه القارة الهندية في عهد الدولة الأموية عام ٩١هـ، ولكن هذه الدعوة وتلك الدولة كانت منحصرة في مناطق السند، ثم توقفت الفتوحات في هذه القارة حتى ظلت الهند بعيدة عن أيّ فتح خارجي، إلى أن توجه محمود الغزنوي بأولى حملاته إلى حدود الهند الشمالية الغربية عام (٣٩٢هـ)، ثم تابع حملاته في أرض الهند وامتد نفوذ حكم الإسلام في عصره إلى شبه القارة الهندية شمالها وجنوب غربها، ثم استمرت الفتوحات لجيوش المسلمين العجم واحدة تلو الأخرى من المماليك ثم التيموريين أو المغول (٢).

(١) قلت: شاهدت ذلك في منطقة كاسركود مسقط رأسي، وفيها جامع يقول المؤرخون: بناه مالك بن حبيب عضو الوفد العربي الذين قدموا من الجزيرة العربية كما في تحفة المجاهدين ص٢٦.
(٢) مسعود عالم: مقدمة تاريخ الدعوة الإسلامية بالهند.


الصفحة التالية
Icon