على النبي - ﷺ - ما أمره الله - عز وجل - به أن يلقيه ﴿ فَأَوْحَى إِلَى عَبْدِهِ مَا أَوْحَى ﴾ "النجم/ ١٠"، وليس إلقاء الملَك من فمٍ إلى فمٍ فحسب، بل يلقيه على قلبه - ﷺ -... كأن جبريل - عليه السلام - يصل رأساً إلى مركز السمع والبصر والوعي الكامل في الفؤاد... إذ إن جارحة البصر(العين)، وجارحة السمع (الأذن) ما هما إلا تحويل وترجمة لما يُشاهَد ويُسْمَعُ من العالم الخارجي إلى مراكز وعيها في الدماغ ومنه إلى المركز الأصلي للوعي (الفؤاد)... أما الملَك فيصل مباشرة بكلام مسموع، كما أن صورته تصل مباشرة إلى مركز الفؤاد، فيلقي بالوحي الإلهي على قلب النبي - ﷺ -، ويسمعه النبي - ﷺ - سماع أذن وفؤاد بدليل تحريك لسانه بعد الملَك –وسيُفصَل ذلك في المبحث الذي بعد هذا إن شاء الله - عز وجل -، في حين يرى الصحابة آثار ذلك من الشدة التي تعتري النبي - ﷺ -، والتي سموها (بُرحاء الوحي)... فيلقي الملَك الوحي حال كون هذا المُلْقَى بلسان عربي مبين، فيقرؤه جبريل - عليه السلام - على النبي - ﷺ - كما أمره الله - سبحانه وتعالى - أن يقرأه؛ ولذا نسب الفعل إلى ذاته العلية سبحانه في قوله ﴿ فَإِذَا قَرَأْنَاهُ ﴾ مبالغة في التأكيد على أن ما قرأه جبريل - عليه السلام - هو اللفظ الذي أراد الله - سبحانه وتعالى - أن يقرأه، وبالهيئة ذاتها التي أرادها - عز وجل -، والنبي - ﷺ - حال قراءة جبريل - عليه السلام - مطرق مستمع لا يحرك لسانه –بعد تعليمه ذاك– حتى يقضي جبريل - عليه السلام - قراءة الوحي عليه، فإذا قضى انطلق جبريل - عليه السلام -، وقرأه النبي - ﷺ - كما قرأه جبريل - عليه السلام -، فلا يعترض معترض على هذا الموضع بالقول: إنا لا نراه يحرك لسانه ترديداً، إذ الإلقاء على قلبه، ومعلوم أن عدم تحريك لسانه كان بعد نزول