سورة القيامة (١).
ويدل لما سبق تفصيله من مراحل حديث عبد الله بن عباس - رضي الله عنه - قال: بينما رسول الله - ﷺ - بفناء بيته بمكة جالس؛ إذ مر به عثمان بن مظعون فكشر إلى رسول الله - ﷺ - فقال له رسول الله - ﷺ - :(ألا تجلس ؟) قال: بلى ! قال فجلس رسول الله - ﷺ - مستقبله، فبينما هو يحدثه، إذ شخص رسول الله - ﷺ - ببصره إلى السماء، فنظر ساعة إلى السماء، فأخذ يضع بصره حتى وضعه على يمينه في الأرض، فتحرف رسول الله - ﷺ - عن جليسه عثمان إلى حيث وضع بصره، وأخذ ينفض رأسه كأنه يستفقه ما يقال له، وابن مظعون ينظر، فلما قضى حاجته، واستفقه ما يقال له، شخص بصر رسول الله - ﷺ - إلى السماء كما شخص أول مرة، فاتبعه بصره حتى توارى في السماء فأقبل إلى عثمان بجلسته الأولى، قال: يا محمد! فيم كنت أجالسك، وآتيك ما رأيتك تفعل كفعلك الغداة. قال: (وما رأيتني فعلت ؟) قال: رأيتك تشخص ببصرك إلى السماء، ثم وضعته حيث وضعته على يمينك، فتحركت إليه، وتركتني فأخذت تنفض رأسك كأنك تستفقه شيئاً يقال لك، قال: (وفطنت لذاك ؟)، قال عثمان: نعم. قال رسول الله - ﷺ - :(أتاني رسول الله آنفاً، وأنت جالس) قال: رسول الله؟. قال: (نعم). قال: فما قال لك ؟ قال: ﴿ إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُ بِالْعَدْلِ وَالإِحْسَانِ وَإِيتَاءِ ذِي الْقُرْبَى وَيَنْهَى عَنِ الْفَحْشَاءِ وَالْمُنْكَرِ وَالْبَغْيِ يَعِظُكُمْ لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَ ﴾ "النحل/٩٠"، قال عثمان فذلك حين استقر الإيمان في قلبي وأحببت محمداً (٢).

(١) وبأتي مزيد تفصيل لذلك –إن شاء الله تعالى-عند ذكر حديث المعالجة: المبحث السادس من هذا الفصل.
(٢) مسند الإمام أحمد بن حنبل ١/٣١٨، مرجع سابق.


الصفحة التالية
Icon