وذكر أبو حيان -رحمه الله تعالى- سبعة أقوال في تخصيص ذكر القلب (١) حاصلها راجع إلى قولين:
أ- فالأول والثاني كالشيء الواحد مجموعهما: أن القلب محل التلقي (٢) لهذا الأمر الخطير لا سواه، وإليهما يؤول السادس.
ب- والثالث والرابع والخامس تؤول إلى معنى واحد هو: كونه أشرف عضوٍ في الجسد، وإليه ما يرجع السابع.
وكلاهما متفرع عن القول الثاني الذي ذكره الإمام الآلوسي-رحمه الله تعالى-(العضو المخصوص)، بيد أنه لا فائدة في الثاني من حاصل أقواله، لو كان مجرد تكنية عن الجملة الإنسانية، وخُصَّ لشرفه؛ إذ لقائلٍ أن يقول: (عليك) أخصر وأظهر، وإذ الأمر كذلك فلا بُدَّ لتخصيصه من مغزى: هو ما ذكر في الأول من الحاصل، كما يلوح للباحث أمر آخر:

(١) أبو حيان في البحر المحيط ١/٣٢٠، مرجع سابق، ونص قوله: "خص القلب ولم يأت بعليك الأخصر، لأن القلب هو محل العقل، وتلقي الواردات، أو لأنه صحيفته التي يرقم فيها، وخزانته التي يحفظ فيها، أو لأنه سلطان الجسد، أو لأن القلب خيار الشيء وأشرفه، أو لأنه بيت الله، أو لأنه كنى به عن العقل إطلاقاً للمحل على الحال به، أو عن الجملة الإنسانية؛ إذ قد ذكر الإنزال عليه في أماكن ﴿ مَا أَنْزَلْنَا عَلَيْكَ الْقُرْآنَ لِتَشْقَى ﴾ "طه/٢" ﴿ وَأَنزَلَ اللَّهُ عَلَيْكَ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ ﴾ " النساء/١١٣"، أو يكون إطلاقاً لبعض الشيء على كله".
(٢) فقد نزل جبريل بالقرآن على قلب الرسول - ﷺ - [فتلقاه تلقياً مباشراً، ووعاه وعياً مباشراً] سيد قطب: في ظلال القرآن ٥/٢٦١٧، ١٤١٠هـ –١٩٩٠م، دار الشروق – بيروت.


الصفحة التالية
Icon