هو أن ما أظهره اليهود من عدواة جبريل - عليه السلام - وادعاؤهم مجيئه بالخراب (١) غمز في أمانته، أو لمز في دقة نقله؛ إما لأن الوحي ليست مهمته، أو لشدته على البشر أو غير ذلك، فأثنى عليه أبلغ الثناء، وبَيَّنَ أن اللمز فيه أو إظهار العداء له هو لله - عز وجل - ولملائكته ولرسله عداء، وأنه وميكال قرينا إخاء، وسبق ذلك كله ببيان دقة نقله للوحي على فؤاد النبي - ﷺ - وأنه ﴿ بِإِذْنِ اللَّهِ ﴾ "البقرة/٩٧".
الكاف في ﴿ عَلَى قَلْبِكَ ﴾ :
وأما سبب التعبير عن ذلك بالكاف في قوله ﴿ عَلَى قَلْبِكَ ﴾ دون الياء الدال على المتكلم فهو التأكيد المطرد على المصدرية الإلهية للقرآن الكريم، ففيه إيماء إلى الحفظ للفظ والمعنى، وصرح به في آية الحجر، وتفصيل ذلك في المبحث الثامن من هذا الفصل: كيفية قراءة الرسول - ﷺ -.
الحرف ﴿ عَلَى ﴾ :
وأتى بلفظ ﴿ عَلَى ﴾ لأن القرآن مُسْتَعْلٍ على القلب، ، والقلب سامعٌ له مطيعٌ يتمثل ما أمر به ويجتنب ما نهى عنه، وكانت أبلغ من (إلى)؛ لأن (إلى) تدل على الانتهاء فقط، و ﴿ عَلَى ﴾ تدل على الاستعلاء، وما استعلى على الشيء يتضمن الانتهاء إليه (٢).
ويلوح للباحث ثلاثة أمور في حرف الجر ﴿ عَلَى ﴾ :

(١) انظر في ذلك: صحيح البخاري ٣/١٢١١، مرجع سابق.
(٢) انظر: البحر المحيط١/٣٢٠، مرجع سابق.


الصفحة التالية
Icon