وجهت لقلب النبي - ﷺ - عناية فائقة، وكان جبريل - عليه السلام - هو الذي هيأ محمداً - ﷺ - واعتنى بقلبه خاصة في كل مرة يأمر الله ويأذن بذلك كما سبق في حديث شق الصدر (١)، وقد كان قلبه يحس ويعقل حتى إن نامت عيناه، فعن جابر بن عبد الله - رضي الله عنه - قال: جاءت ملائكة إلى النبي - ﷺ - وهو نائم فقال بعضهم: إنه نائم، وقال بعضهم: إن العين نائمة والقلب يقظان فقالوا: إن لصاحبكم هذا مثلاً، فاضربوا له مثلاً، فقال بعضهم: إنه نائم، وقال بعضهم: إن العين نائمة والقلب يقظان، فقالوا: مثله كمثل رجل بنى داراً، وجعل فيها مأدبة، وبعث داعياً فمن أجاب الداعي دخل الدار وأكل من المأدبة، ومن لم يجب الداعي لم يدخل الدار ولم يأكل من المأدبة، فقالوا: أولوها له يفقهها، فقال بعضهم: إنه نائم، وقال بعضهم: إن العين نائمة والقلب يقظان فقالوا: فالدار الجنة، والداعي محمد - ﷺ - فمن أطاع محمداً - ﷺ - فقد أطاع الله ومن عصى محمداً - ﷺ - فقد عصى الله، ومحمد - ﷺ - فرق بين الناس) (٢)، وفي رواية الترمذي عنه قال: خرج علينا رسول الله - ﷺ - يوماً، فقال: (إني رأيت في المنام كأن جبريل عند رأسي وميكائيل عند رجلي، يقول أحدهما لصاحبه اضرب له مثلاً، فقال: اسمع سمعت أذنك، واعقل عقل قلبك، إنما مثلك ومثل أمتك كمثل ملك اتخذ داراً... )الحديث (٣).
فقد اشتمل النزول على قلبه - ﷺ - :

(١) انظر: الفصل الثاني –المبحث الأول-المطلب الأول.
(٢) صحيح البخاري ٦/٢٦٥٥، مرجع سابق.
(٣) الجامع الصحيح سنن الترمذي ٥/١٤٥، مرجع سابق.


الصفحة التالية
Icon