١-على التحفيظ والتفهيم والتثبت: كما قال الزمخشري –رحمه الله تعالى-:"أي حَفَّظَكه، وفَهَّمَك إياه، وأثبته في قلبك إثبات ما لا ينسى كقوله - عز وجل - ﴿ سَنُقْرِئُكَ فَلاَ تَنسَى ﴾ " (١)، وخص القلب، والمعنى عليك لأنه محل الوعي والتثبت، وليعلم أن المنزل على قلبه - عليه السلام - محفوظ لا يجوز عليه التبديل، ولا التغيير، وحرف ﴿ على ﴾ مستعار للدلالة على التمكن مما سمي بقلب النبي - ﷺ - مثل استعارته في قوله - سبحانه وتعالى - ﴿ أُوْلَئِكَ عَلَى هُدًى مِنْ رَبِّهِمْ ﴾ "البقرة/٥" (٢)، وقد تقدم التوضيح بأن إرادة القلب حقيقية وليست مجازية... وأن المراد الوصول إلى محل الوعي المباشر بعد تهيئته سابقاً لذلك.
٢-كما اشتمل النزول على قلبه - ﷺ - على اللفظ كما هو على المعنى تصريحاً لا تلويحاً: كما قال الزمخشري:"ولو كان أعجمياً لكان نازلاً على سمعك، دون قلبك لأنك تسمع أجراس حروفٍ لا تفهم معانيها ولا تعيها" (٣).
واستدل أبو حيان -رحمه الله تعالى- على أنه كان - ﷺ - يسمع من جبريل - عليه السلام - الأحرف بقوله - عز وجل - :﴿ بِلِسَانٍ عَرَبِيٍّ مُبِينٍ ﴾ "الشعراء/١٩٥"، فقال: "الظاهر تعلق ﴿ بلسان ﴾ بـ ﴿ نزل ﴾، فكان يسمع من جبريل - عليه السلام - حروفاً عربية"، قال ابن عطية -رحمه الله تعالى-:"وهو القول الصحيح، وتكون صلصلة الجرس صفة لشدة الصوت، وتداخل حروفه، وعجلة مورده، وإغلاظه" (٤).
... وبذا تم حفظ الألفاظ من زواياه الكلية (٥).
٣-التمكن من حفظ الألفاظ وجمعها، دون أن ينخرم منها شيء أصلاً أو أداء.
(٢) التحرير والتنوير ١٩/٨٨٩، مرجع سابق.
(٣) الكشاف٣/١٢٧، مرجع سابق، وانظر: تفسير القرطبي ١٣/١٣٨، مرجع سابق.
(٤) تفسير ابن عطية ١١/١٤٨، مرجع سابق.
(٥) كما قال أبو حيان في البحر المحيط ٧ /٤٠، مرجع سابق.