اعلُ موكب الوحي على كل رائمٍ طمس النور بفمه.... اعلُ موكب الوحي.. أو ما يكفي: جبريل - عليه السلام - في قيادتك، ومحمد - ﷺ - في ريادتك؟.. اعلُ موكب الوحي.. يتراءى لنا خبرُك.. حتى ترتفع أعلام الحب فداءً بالمهج...
طرقتك زائرة، فحي خيالها........ بيضاء، تخلط بالحياء دلالها
قادت فؤادك، فاستقاد، وقبلها........ قاد القلوب إلى الصبا فأمالها
هل يطمسون من السماء نجومها..... بأكفهم؟ أم يسترون هلالها؟
أم يدفعون مقالة عن ربه؟........ جبريل بلغها النبي فقالها.
المبحث الثالث:
نزول جبريل - عليه السلام - توقيفي:
يراد من هذا المبحث التأكيد على حقيقة هامة في نقل القرآن من السماء إلى الأرض هي: التوقيفية في ذلك النقل، ذلك بأن جبريل - عليه السلام - ليس له من أمر الوحي القرآني شيء، فنزوله كان بأمر الله - عز وجل -، وبعد صدور أمره - سبحانه وتعالى -، يكون نزول جبريل - عليه السلام - بإذنه، وعليه فإن نزول جبريل - عليه السلام - بأمر وإذن إلهي قبل النزول، مستصحبان مع النزول: كما هو ظاهر من قوله تعالى ﴿ فَإِنَّهُ نَزَّلَهُ عَلَى قَلْبِكَ بِإِذْنِ اللَّهِ ﴾ "البقرة/٩٧"؛ ولذا قال أبو السعود-رحمه الله تعالى-: ﴿ بِإِذْنِ اللَّهِ ﴾ "بأمره، وتيسيره، وفيه تلويح بكمال توجه جبريل - عليه السلام - إلى تنزيله، وصدق عزيمته - عليه السلام -، وهو حال فاعل نزله " (١)، وقال الصاوي -رحمه الله تعالى-: "المراد بالإذن الأمر لا العلم" (٢).

(١) تفسير أبي السعود١/ ٢٢٠، مرجع سابق.
(٢) حاشية الصاوي ١/٧٢، مرجع سابق، ولا مانع من إرادة الأمرين، بل هو الظاهر، وبلاغة القرآن تشير إليه.


الصفحة التالية
Icon