على أنه ينبغي تقرير أن وصف الله - سبحانه وتعالى - لكلامه بأنه (قول ثقيل) مع أنه كلام، وكلامه –تعالى ذكره، وجَلَّ عن التشبيه والتمثيل-عندما ييسره للمخلوق لينقله بلسانه مع أن المعروف أنه يكون عبارة عن اهتزازات هوائية فلا يكون قولاً ثقيلاً إلا لأنه قول آخر غير قول البشر، ويُلْقى بطريقة خاصة حتى تكاد فخذ النبي - ﷺ - أن تَرُضَّ رِجْلَ كاتب الوحي، وتضع الناقة له جِرانها، ويتفصد له جبين الرسول - ﷺ - عرقاً، فالثقل المراد قد يكون في العملية التلقينية الأولى بين جبريل - عليه السلام - والنبي - ﷺ -، ثم يكون ميسراً بعد ذلك على الألسنة، وقد يكون الثقل هو في القيام به، وتطبيق معناه، وقد يكون الثقل بالنظر إلى أنه كلام الجبار العظيم - عز وجل - كيف يطيق المخلوق حمله، أو فهمه... لا شك أن حدوث ذلك يدل على تيسير عظيم... مع أن عظمة كلام الله - سبحانه وتعالى - تجعله ثقيلاً على المخلوق... لكن الله - عز وجل - يسره، وبهذا يُجمع بين آية المزمل وغيرها كآية الدخان، وآية القمر.
٣-التكلف الطَبَعي في حفظ الوحي: والبند السابق كان يتكلم عن التكلف غير الطبعي، وهنا الإشارة إلى التكلف الطبعي الذي كان في ابتداء الوحي، وقد وصفه ابن عباس - رضي الله عنه - بقوله: كان رسول الله - ﷺ - يعالج من التنزيل شدة، وكان مما يحرك به لسانه، وكان ذلك يعرف منه... الحديث (١).

(١) يأتي تفصيله إن شاء الله في المبحث الخامس من هذا الفصل.


الصفحة التالية
Icon