-- يحرك شفتيه عند تلقي الوحي القرآني، وما ذاك إلا لمتابعة الحرف الحرف (١)، كما يدل له: حديث ابن عباس - رضي الله عنه - في قصة عثمان بن مظعون، وفيه: (إذ شخص رسول الله -- ببصره إلى السماء، فنظر ساعة إلى السماء، فأخذ يضع بصره، حتى وضعه على يمينه في الأرض، فتحرف رسول الله -- عن جليسه عثمان إلى حيث وضع بصره، وأخذ ينفض رأسه كأنه يستفقه ما يقال له..) (٢)، وفي حديث المعالجة (٣)، وحديث المعارضة (٤) من البحث ما يزيد ذا الكلام تفصيلاً.
٥-جمع القرآن في صدره - ﷺ - : إذ الوحي القرآني كله إنزال على القلب، ولما في قوله تعالى ﴿ إِنَّ عَلَيْنَا جَمْعَهُ وَقُرْآنَهُ ﴾ "القيامة/١٧" ويرتبط بهذه الحقيقة مفهومان:
الأول: أن ذلك لا ينافي أن تعليم جبريل - عليه السلام - هو إقراء لكلمات من حروف متتابعة، وتقدم في البند السابق.
الثاني: أنه لم ينزل من القرآن الكريم شيء فيلقيه إليه الملَك وهو على صورة الرجل على مجيئه الأسهل (٥)، بل جاء على الصورة الأشد، وهذه حقيقة لم تُعَر كبير اهتمام لتقريرها، ولا في تقريرها، لعل ذلك لأنها بدهية قرآنية، ومن أدلتها:

(١) وانظر الدلالة الثالثة من بند المعاناة في المبحث الخامس، من هذا الفصل.
(٢) سبق تخريجه في المبحث الأول من الفصل الثالث.
(٣) انظر: المبحث السادس من هذا الفصل.
(٤) انظر: المبحث التاسع من هذا الفصل.
(٥) وصرح صاحب التحرير والتنوير ١٩ /١٨٩، مرجع سابق أن حديث الحارث خاص بوحي القرآن.


الصفحة التالية
Icon