١- ﴿ قُلْ مَنْ كَانَ عَدُوًّا لِجِبْرِيلَ فَإِنَّهُ نَزَّلَهُ عَلَى قَلْبِكَ ﴾ "البقرة/٩٧"، فهذا عام في كل أنواع الموحَى به من قرآن وغيره، وإن كان جل المفسرين يذهب إلى أن الضمير يعود على القرآن الكريم عود شهرة لا تستدعي سبق الذكر، ولكن قوله تعالى ﴿ نَزَلَ بِهِ الرُّوحُ الأمِينُ (١٩٤)عَلَى قَلْبِكَ... ﴾ "الشعراء/١٩٤-١٩٥" -وهو خاص بالقرآن الكريم- قد أظهر معنى الضمير الوارد في سورة البقرة، فإن نوزع في ذلك فحسبه أن يكون دليلاً مستقلاً.
٢-حديث التفلت الآتي ذكره بعد قليل (١) ؛ إذ قد ضمن الله - سبحانه وتعالى - جمعه في فؤاده.
٣- ما ذكر لنا من حوادث إنزال القرآن كلها تخدم هذه الحقيقة، ومنها ما ذكره زيد بن ثابت - رضي الله عنه - في كتبه للقرآن (٢)، إذ وصفه يدل على العادة المستمرة.
فلتنضم هذه الحقيقة الجليلة إلى حقائق تلقى النبي - ﷺ - القرآن من جبريل - عليه السلام - فتعطي بعداً أعظم لمن عمي بصره عن حقائق تلقي القرآن، فزعم دخول الاجتهاد البشري المحض فيه، ولتثبت أن حفظ القرآن هو الحفظ الكامل الذي لا يطرقه شك في تفلت أو نقصان؛ إذ مجيء جبريل - عليه السلام - كان على غير الهيئة المعتادة للبشر.
... وثم حقيقة موازية تلوح في هذا الباب، وهي: أن هذا المجيء بهذه الشدة لا يستطيعه الجن في التسلط على بني آدم، إذ مَبْلَغ فعل الشيطان الإغواء والوسوسة والإغراء، والتلبس على قول من يثبته، أما هذه الشدة التي يسمعها رسول الله - ﷺ - فلا سبيل للشيطان لإحداثها.
فإن اعتُرض بأن: ظاهر آية سورة البقرة أن جبريل - عليه السلام - ألقى القرآن في قلب النبي - ﷺ - من غير سماع قراءة كما هو كذلك في سورة الشعراء ﴿ عَلَى قَلْبِكَ ﴾.
(٢) انظر: ص٩٩.