ووجه هذه القسمة: أن (تلقي النبي - ﷺ - ألفاظ القرآن) يستلزم الإحاطة العلمية بـ (التلقي)، و(المتلقي) وهو النبي - ﷺ -، و(المُلْقِي) وهو جبريل - عليه السلام -، و(المُلْقَى) وهو القرآن، و(الخاص من ذلك، وهو ألفاظ القرآن)... فتلك خمسة محاور، تُفَصَّلُ في خمسة فصول إيماء وإشارة، أو تبيناً بالقصد الأصلي، وصريح العبارة، وبيان ذلك أن يقال:
لما كان البحث دائراً حول كيفية تعليم جبريل - عليه السلام - ؛ فقد لزم أن تعرف مؤهلات المعلم من حيث هو معلم خاص من عالم غيبي؛ فتظهر من خلال ذلك صورة تفرغه لهذه المهمة الجليلة، وجدارته القائمة على إعداده الإلهي، واستعداده الخَلْقِي، والخُلُقِي (المهاري)؛ فكان الفصل الأول منعقداً لهذه الغاية، وعنوانه: مؤهلات المعلم.
ولأن المعلم الملقي ينتمي من حيث جنسه إلى عالم الغيب بالنسبة للبشر، وذا يقتضي عدم قدرة الإنسان في أحواله الطبيعية على الالتقاء بعالم غيبي أو الاتصال به؛ فقد لزم أن يُعْلَمَ تفصيل السبل التي جعلت الاتصال بين المعلم جبريل - عليه السلام - والمتعلم وهو النبي - ﷺ - ميسوراً بل أكثر يسراً من اتصال البشر بالبشر... فتخبت عند ذاك قلوب الذين أوتوا العلم بأن جبريل - عليه السلام - كان يأتي النبي - ﷺ - في كل لحظة زمانية، في أي حيز مكاني ليؤدي مهمته التعليمية إنشاءً، أو متابعة... وذلك مفصل في الفصل الثاني، وعنوانه: اتصال جبريل - عليه السلام - بالنبي - ﷺ - للوحي القرآني.


الصفحة التالية
Icon