... وفي هذا يقول ابن كثير: "وأن ييسره على الوجه الذي ألقاه إليه" (١)، وقال الزمخشري:"جعل قراءة جبريل - عليه السلام - قراءته" (٢)، وقال الآلوسي:"أتممنا قراءته عليك بلسان جبريل - عليه السلام - المبلغ عنا" (٣)، وفي المقابل فقد ضمن الله - عز وجل - قراءة النبي - ﷺ - ألفاظ القرآن كما أنزله الله - سبحانه وتعالى -، وبالهيئة التي سمعها من جبريل - عليه السلام -، كما قال في الجلالين: "فكان - ﷺ - يسمع ثم يقرؤه" (٤)، ولذا قال ابن عباس - رضي الله عنه - كما في البخاري: "فكان إذا أتاه جبريل - عليه السلام - أطرق فإذا ذهب قرأه كما وعده الله - عز وجل - " (٥).
وهاهنا مسألة مهمة: إذ الآية حوت الأمر الإلهي بإعادة المقروء كما قرأه جبريل - عليه السلام -، كما حوت الضمان الإلهي بذلك أيضاً، والثاني وهو الضمان تقدم ما يثبته من فهم العلماء للآية، والأول قال عنه ابن كثير: " ﴿ فَإِذَا قَرَأْنَاهُ ﴾ أي إذا تلاه عليك الملك عن الله تعالى ﴿ فَاتَّبِعْ قُرْءَانَهُ ﴾ أي فاستمع له ثم اقرأه كما أقرأك" (٦)، وقد يسر الله - عز وجل - ذلك عليه.
المطلب الرابع: قواعد التلقي والتلقين:
... من خلال ما سبق يمكن إجمال قواعد التلقي والتلقين في:
١-قراءة الشيخ على الطالب، وهو ما كان جبريل - عليه السلام - يفعله مع النبي - ﷺ - (السماع من لفظ الشيخ).
٢-إنصات الطالب لشيخه عند استماعه قراءته، وهو ما أُمِرَ به النبي - ﷺ -.
٣-استماع الطالب من شيخه، استماع أُذن وفؤاد، وهو ما أُمِرَ به النبي - ﷺ -.
(٢) الكشاف ٤/١٦٥، مرجع سابق.
(٣) روح المعاني ٢٩/١١٧، مرجع سابق.
(٤) الجلالين٤/٢٥٤، مرجع سابق.
(٥) انظر: حديث المعالجة في المبحث السادس من هذا الفصل.
(٦) تفسير ابن كثير٤/٢٨٢، مرجع سابق.