أولها: التزام هذه الطريقة(التلقي) منهجاً لتعليم القرآن الكريم: إذ إن توافر الدواعي للطرق الأخرى في إنزال القرآن الكريم وحياً (١)، مع عدم استعمالها، وتخصيص طريقة التلقين مع عدم الحاجة إليها إذ أن الله قد تكفل بأن يلهمه القرآن بقوله ﴿ إِنَّ عَلَيْنَا جَمْعَهُ وَقُرْآنَهُ ﴾، وبقوله ﴿ سنُقْرِئُكَ فَلاَ تَنسَى ﴾، قال الشوكاني-رحمه الله تعالى-: "أي سنجعلك قارئاً بأن نلهمك القراءة، فلا تنسى ما تقرؤه" (٢)، وهذا وَسْمٌ لاستخدام غيرها بالبدعية، ومن ثم فاستعمال أسلوب القراءة المباشرة من المصحف دون تلقين بدعة، أو أنه تَعَلِّمٌ للقرآن على غير الطريقة التي شرعها القرآن، وهو ما قرره الصاوي-رحمه الله تعالى- في قوله: "والحكمة في تلقي رسول الله - ﷺ - عن جبريل - عليه السلام - ظاهراً أنه يكون سنة متبعة لأمته، فهم مأمورون بالتلقي من أفواه المشايخ، ولا يُفْلِح من أخذ العلم أو القرآن من السطور، بل التلقي له سر آخر" (٣)، وهذا أمر مقرر في أذهان المسلمين لم تَمِلْ دائرة تعليمهم عنه مثقال ذرة (٤)، وهذا ما يعطي تصوراً عن مدى الواقعية الحقيقة قوله - عز وجل - ﴿ إِنَّا نَحْنُ نَزَّلْنَا الذِّكْرَ وَإِنَّا لَهُ لَحَافِظُونَ ﴾ "الحجر/٩".

(١) ككونها أسهل وأسرع، وهي بالنظر إلى قدرة الله - عز وجل - ليست أعسر إذ هي لا تعجز كلمة ﴿ كن ﴾ مع وقوعها في أمور أخرى أقل شأناً من القرآن، ومثالها النفث في الروع، أو الإلهام.
(٢) فتح القدير ٤/٥٢٢، مرجع سابق.
(٣) حاشية الصاوي ٣/٨٠، مرجع سابق.
(٤) وقد أسهب في الكلام عن ذلك الإمام الشاطبي في الموافقات، المقدمة الثانية عشرة ١/٩١، مرجع سابق.


الصفحة التالية
Icon