١ - تبدأ باستشعار المصدرية الإلهية للقرآن الكريم دائماً عند قراءة القرآن الكريم: ويظهر أنموذج هذا في قوله - عز وجل - :﴿ وَكَذَلِكَ أَنْزَلْنَاهُ قُرْءَانًا عَرَبِيًّا وَصَرَّفْنَا فِيهِ مِنَ الْوَعِيدِ لَعَلَّهُمْ يَتَّقُونَ أَوْ يُحْدِثُ لَهُمْ ذِكْرًا(١١٣)فَتَعَالَى اللَّهُ الْمَلِكُ الْحَقُّ ﴾، ثم قال بعد: ﴿ ولا تَعْجَلْ بِالْقُرْآنِ مِنْ قَبْلِ أَنْ يُقْضَى إِلَيْكَ وَحْيُهُ وَقُلْ رَبِّ زِدْنِي عِلْمًا ﴾ "طه/١١٤" فأكد على المصدرية الإلهية في عدة ألفاظ: ﴿ أَنزَلْنَاهُ ﴾ على الرغم من أن المباشر للإنزال هو جبريل - عليه السلام -، ﴿ وَصَرَّفْنَا ﴾، ﴿ نقضي ﴾ في قراءة يعقوب على الرغم من أن المباشر للقراءة هو جبريل - عليه السلام -، وأشار إلى تفرده بهبة المنح الإلهية، ورأسها القرآن الكريم ﴿ وَقُلْ رَبِّ زِدْنِي عِلْمًا ﴾، ثم وسط بين الآيتين بقوله ﴿ فَتَعَالَى اللَّهُ الْمَلِكُ الْحَقُّ ﴾ وهي جملة اعتراضية، وفي تفريع الجملة الاعتراضية على إنزال القرآن إشارةٌ أيضاً إلى أن القرآن قانون ذلك الملك، وأن ما جاء به هو السياسة الكاملة الضامنة صلاح أحوال متبعيه في الدنيا والآخرة (١)، وفي هذا السبيل ترى التعبير عن إنزال القرآن يرجع إلى هذه المصدرية عند الكلام على النازل، والمنزَل به، والمنزَل عليه.