فأما تبيين الحروف فهو لازم التؤدة والتأني؛ إذ من غايات التأني: تفصيل الحروف، قال الآلوسي-رحمه الله تعالى-: "اقرأه على تؤدة وتمهل وتبيين حروف، بحيث يتمكن السامع من عدها، من قولهم (ثغر رَتِل) إذا كان مفلجاً لم تتصل أسنانه بعضها ببعض، وأخرج العسكري عن علي في المواعظ أن رسول الله سئل عن هذه الآية فقال: بينه تبييناً، ولا تنثره نثر الدقل، ولا تهذه هذ الشعر، قفوا عند عجائبه وحركوا به القلوب ولا يكن هم أحدكم آخر السورة" (١)، وعند الشوكاني: "اقرأه حرفاً حرفاً"، قال الزجاج: "هو أن يبين الحروف، ويوفيها حقها من الإشباع، وأصل الترتيل: التنضيد والتنسيق وحسن النظام، وتأكيد المصدر بالفعل يدل على المبالغة على وجه لا يلتبس فيه بعض الحروف ببعض، ولا ينقص من النطق من مخرجه المعلوم، مع استيفاء حركته المعتبرة" (٢)، وقال الطبري: "بينه تبييناً، وترسل فيه ترسلاً" (٣)، وقال ابن حجر:"قوله - سبحانه وتعالى - ﴿... وَرَتِّلِ الْقُرْءَانَ تَرْتِيلا ﴾ أي اقرأه مترسلاً بتبيين الحروف، وإشباع الحركات" (٤).

(١) روح المعاني ٢٩/١٧٨، مرجع سابق، ونحوه عند أبي السعود ٥/٤١٢، مرجع سابق.
(٢) تفسير الشوكاني ٥/٣٨٧، ونحوه القرطبي ١٩/٣٦، مرجع سابق، وقال سيد قطب –وهو المعروف قدره في اللغة العربية-:"وترتيل القرآن وهو مد الصوت به، وتجويده بلا تغنٍ ولا تطرٍ، ولا تخلعٍ في التنغيم".
(٣) تفسير الطبري ٢٩/١٢٦، مرجع سابق.
(٤) فتح الباري شرح صحيح البخاري ٣/٢٣، مرجع سابق، وقال في ٩/٨٩: "تبيين حروفها والتأني في أدائها، ليكون أدعى إلى فهم معانيها ".


الصفحة التالية
Icon