وفي القرآن الكريم تذكر لنا صورة تطبيقية ملائكية (١) لمبدأ الترتيل في قول الله - سبحانه وتعالى - ﴿... وَرَتَّلْنَاهُ تَرْتِيلاً ﴾ "الفرقان/٣٢" فهو خبر عن الملأ الأعلى، ولأن القراءة توقيفٌ؛ فإن هيئة قراءة القرآن يجب أن تتماثل، ولم يأخذها جبريل - عليه السلام - في الملأ الأعلى إلا عن الله - عز وجل -، فحكى الله - سبحانه وتعالى - كيفية قراءة جبريل - عليه السلام - ثم أمر النبي - ﷺ - بقراءة القرآن على الهيئة ذاتها فقال - سبحانه وتعالى - :﴿... وَرَتِّلِ الْقُرْءَانَ تَرْتِيلاً ﴾ وصلة ما بين خبر الملأ الأعلى، والأمر الإلهي الكريم مضمرٌ تدل عليه الأخبار الأخرى والتقدير: ﴿... وَرَتِّلِ الْقُرْءَانَ... ﴾، وذلك على نسق ما سمعته من جبريل - عليه السلام - إذ قد رتلناه على لسانه ترتيلاً، وفي أضواء البيان: "هذه الآية نصٌ بترتيل القرآن ترتيلاً، وأكد بالمصدر تأكيداً لإرادة هذا المعنى (٢) كما قال ابن مسعود - رضي الله عنه - : لا تنثروه نثر الدقل، ولا تهذوه هذ الشعر، قفوا عند عجائبه، وحركوا به القلوب، ولا يكن هم أحدكم آخر السورة" (٣).

(١) واغتفرت النسبة إلى الجمع خوفاً من اللبس.
(٢) واستدل صاحب التحرير والتنوير ٢٩/ ٣١٦، مرجع سابق: بالمصدر على تأكيد إرادة المعنى، وفي هذا رد على من يتوهم الترتيل هنا بمعنى التنجيم.
(٣) أضواء البيان ٨/٦١٠، مرجع سابق.


الصفحة التالية
Icon