والصورة التطبيقية لذلك: ما وصف صحابة رسول الله - ﷺ - كلام نبي الله - سبحانه وتعالى - حيث كان يرتل كلامه، ويترسل فيه فجابر بن عبد الله - رضي الله عنه - يقول: (كان في كلام رسول الله - ﷺ - ترتيل أوترسيل) (١)، وعن عائشة -رضي الله تعالى عنها-: (أن النبي - ﷺ - كان يحدث حديثاً لوعده العاد لأحصاه لم يكن يسرد الحديث كسردكم) (٢)، وأنكرتْ على أبي هريرة - رضي الله عنه - سرعة حديثه، وقالت: (ولو أدركته لرددت عليه) (٣)، أي لأنكرتٌ عليه، وبينتْ له أن الترتيل في التحديث أولى من السرد، فقولها "لم يكن يسرد الحديث كسردكم أي يتابع الحديث استعجالاً بعضه إثر بعض لئلا يلتبس على المستمع، زاد الإسماعيلي من رواية بن المبارك عن يونس: (إنما كان حديث رسول الله - ﷺ - فصلاً فهماً تفهمه القلوب)" (٤)، وقال في موضع آخر: "قولها (لو عده العاد لأحصاه) أي لوعد كلماته، أو مفرداته، أو حروفه لأطاق ذلك، وبلغ آخرها، والمراد بذلك المبالغة في الترتيل والتفهيم" (٥).
وإذا كان ذا في حديثه المعتاد، فكيف في تلاوة كلام الله - سبحانه وتعالى - ؟.

(١) سنن أبي داود ٤/ ٢٦٠، مرجع سابق، قال الشيخ الألباني: صحيح.
(٢) صحيح البخاري ٣/١٣٠٧، مرجع سابق.
(٣) صحيح البخاري ٣/ ١٣٠٧، مرجع سابق، صحيح مسلم ٣/ ١٩٤٠، مرجع سابق.
(٤) فتح الباري شرح صحيح البخاري ٦/٥٧٩، مرجع سابق.
(٥) فتح الباري شرح صحيح البخاري ٦/٥٧٨، مرجع سابق.


الصفحة التالية
Icon