وإنما ابتدأ البحث بحديث جابر - رضي الله عنه - حتى لا يَرِدَ على جوهر التقرير هاهنا أن الترتيل قد يراد به التفريق في الإنزال (التنجيم)، فحديث جابر - رضي الله عنه - يرده، وإن كان المعنى الذي قيل واردٌ، لكن في غير ذا المكان (١).
(١) وصار الترتيل مستعملاً في عرف العلماء في هذا المعنى لا في معنى التفريق (التنجيم) ففي سنن البيهقي الكبرى١/٤٢٧، مرجع سابق، أن أبا سعيد الخدري - رضي الله عنه - قال: (إني أراك تحب الغنم والبادية، فإذا كنت في غنمك وباديتك، فأذنت بالصلاة، فارفع صوتك بالنداء، فإنه لا يسمع مدى صوت المؤذن جنٌ ولا إنس، ولا شيء إلا شهد له يوم القيامة -قال أبوسعيد -: سمعته من رسول الله - ﷺ - رواه البخاري، قال الشافعي: والترغيب في رفع الصوت، يدل على ترتيل الأذان" وفيها أيضاً ٢/٥٢، مرجع سابق: "باب كيف قراءة المصلى قال الله - عز وجل - ﴿... وَرَتِّلِ الْقُرْءَانَ تَرْتِيلاً ﴾ قال الشافعي -رحمه الله تعالى-: "الترتيل ترك العجلة في القرآن عن الإبانة". وتبيين الحروف، وإشباع الحركات مقتضٍ نوعاً من التفريق بين الحروف تضبطه المشافهة ليُعطى كل حرفٍ حقه ومكانته.