وأول هذه الأطر: أن الذي تولى أمر المحافظة عليه هو الله - سبحانه وتعالى - منزِله كما قال تعالى مثبتاً الحفظ ﴿ إِنَّا نَحْنُ نَزَّلْنَا الذِّكْرَ وَإِنَّا لَهُ لَحَافِظُونَ ﴾ "الحجر/٩"، وقال - عز وجل - نافياً طروء أدنى تغيير ﴿ لاَ مُبَدِّلَ لِكَلِمَاتِهِ ﴾ "الأنعام/١١٥"، فهذا في كلامه من حيث هو كلام مقول، وأما فيه من حيث هو كلام مكتوب فقد قال –جل ذكره- إثباتاً للحفظ ونفياً لإمكان التغيير: ﴿ وَإِنَّهُ لَكِتَابٌ عَزِيزٌ(٤١)لا يَأْتِيهِ الْبَاطِلُ مِنْ بَيْنِ يَدَيْهِ وَلا مِنْ خَلْفِهِ تَنْزِيلٌ مِنْ حَكِيمٍ حَمِيدٍ ﴾ "فصلت/٤١-٤٢".
والحفظ هنا ينصرف انصرافاً أولياً إلى حفظ الألفاظ؛ لأنه قد عُلم أن المعنى غير منضبط إلا بضبط لفظه له، فحفظ اللفظ مقتضٍ لحفظ المعنى، وحفظ المعنى مستلزِم لحفظ اللفظ. ٍ
وإذا كان ذلك كذلك، فما نوع نسبة القرآن في قوله-تعالى ذكره- ﴿ إِنَّهُ لَقَوْلُ رَسُولٍ كَرِيم ﴾ "الحاقة/٤٠، التكوير/١٩" ؟.


الصفحة التالية
Icon