لا يشك من له علم في كلام العرب، وتصاريف أنواع خطابه، بل من يعاصر الأقوام في عاداتهم الكلامية أن النسبة إلى جبريل - عليه السلام - نسبة أداء، لا نسبة إنشاء، وهو لازم وصفه بالرسالة؛لأنه واسطة فيه، وناقل له عن مُرْسِله، وهو الله – تعالى ذكره -؛إذ إضافة القول إلى الرسول إنما هو لأدنى ملابسة لأن جبريل - عليه السلام - يبلغ ألفاظ القرآن إلى النبي - ﷺ - فيحكيها كما أمره الله - عز وجل -، فهو قائلها أي صادرةٌ منه ألفاظُها، لا أنه منشئ ألفاظِها، لذا قال القرطبي -رحمه الله تعالى- في تفسير سورة التكوير: "وأضاف الكلام إلى جبريل - عليه السلام - ثم عداه عنه بقوله ﴿ تَنزيلٌ مِنْ رَبِّ الْعَالَمِينَ ﴾ "الحاقة/٤٣"؛ ليعلم أهل التحقيق في التصديق أن الكلام لله - عز وجل - " (١)، وبذلك صرح سائر العلماء (٢)،

(١) (القرطبي) أبو عبد الله محمد بن أحمد الأنصاري القرطبي: الجامع لأحكام القرآن ٩/٢٤٠، ١٤٠٥هـ - ١٩٨٥م، دار إحياء التراث العربي - بيروت.
(٢) انظر: تفسير الجلالين، وبهامشه حاشية الصاوي ٤/٣٨٩، دار الفكر بيروت١٤١٤ هـ - ١٩٩٣م، قدم له وأشرف على تصحيحه: صدقي محمد جميل، والتحرير والتنوير ٣٠/١٥٥، مرجع سابق، وروح المعاني٣٠/١٠٤..


الصفحة التالية
Icon