فقوله تعالى ﴿ لَقَوْلُ رَسُولٍ كَرِيمٍ ﴾ "التكوير/١٩" معناه لقول الرسول أي لقوله المبلغ له عن الله - سبحانه وتعالى -، فقرينة ذكر الرسول تدل على انه إنما يبلغ شيئاً أرسل به؛ فالكلام كلام الله - سبحانه وتعالى - : ألفاظه، ومعانيه، وجبريل - عليه السلام - مبلغ عن الله، وبهذا الاعتبار نسب القول له (١).
فنسبة كلام الله –تعالى ذكره- لجبريل - عليه السلام - نسبة أداء (أي تبليغ الرسول ما أمره الله - سبحانه وتعالى - بتبليغه) لا نسبة إنشاء.
وكذلك يقال في آية الحاقة بالنسبة للرسول - ﷺ -، فالنطق نطق القارئ، والكلام كلام الباري، كما يُقال هذا قرآن ابن مسعود - رضي الله عنه -، أو قرآن على بن أبي طالب - رضي الله عنه -، أو قراءة فلان... عنوا به أنه خارج بصوته لا أنه كلامه.
المبحث الأول:
أهمية موضوع تعليم جبريل - عليه السلام - :
... يتحدث هذا المبحث عن أهمية موضوع تعليم جبريل - عليه السلام - النبي - ﷺ - في إطاره التاريخي، وتعلق ذلك بألفاظ القرآن الكريم، وما تحققه دراسة هذا الموضوع من أهداف؛ ذاك بأن هذا الموضوع هو الوجه الآخر لموضوع تلقي النبي - ﷺ - ألفاظ القرآن الكريم من جبريل - عليه السلام -.
ويتألف هذا المبحث من مطلبين:
المطلب الأول: البُعد التاريخي والموضوعي للاهتمام بهذا الموضوع.
المطلب الثاني: أهداف دراسة هذا الموضوع.

(١) (الشنقيطي) محمد الأمين بن محمد المختار الجكني: أضواء البيان في إيضاح القرآن بالقرآن ٧ /٧٠٣، عالم الكتب - بيروت، فالقول الذي ينزل به على قلب النبي - ﷺ - ليس قوله من حيث الحقيقة كما تقدم، بل يأخذ فيه صفة الرسالة، قال في التحرير والتنوير ٣٠/١٥٥، مرجع سابق: " وفي التعبير عن جبريل يوصف رسول إيماء إلى أن القول الذي يبلغه هو رسالة من الله مأمور بإبلاغها كما هي ".


الصفحة التالية
Icon