... وعن يعلى بن مملك: أنه سأل أم سلمة -رضي الله تعالى عنها- عن قراءة رسول الله - ﷺ - وصلاته، فقالت: (وما لكم وصلاته؟، كان يصلي وينام قدر ما صلى، ثم يصلي قدر ما نام، ثم ينام قدر ما صلى، حتى يصبح)، ونعتت قراءته فإذا هي تنعت قراءته حرفاً حرفاً (١).
... وفي معنى قولها(ثم نعتت قراءته) يقول السندي: "أي وصفت وبينت بالقول، أو بالفعل بأن قرأت كقراءته - ﷺ -. وقوله: (حرفاً حرفاً)، وقال أبو البقاء: نصبهما على الحال أي مرتلة" (٢).
وقوله (حرفاً حرفاً) يبين العلاقة بين أصل الوضع اللغوي والاستعمال العرفي لكلمة ترتيل.
وكان ترتيله في الصلاة نموذجاً عملياً يسمعه الصحابة ثلاث مرات يومياً على الأقل، ولم يكن ترتيله مقتصراً على الفرائض بل ذلك شأنه في النوافل؛ ومن ذلك بوّب ابن حبان في صحيحه:"ذكر ما كان يرتل المصطفى - ﷺ - قراءته في صلاة الليل" (٣).
... وإنما كان الإكثار من هذه الأوصاف لتطبيق النبي - ﷺ - للترتيل، والاستزادة منها في البحث، لأهميتها البالغة في إثبات أمر جوهري هو:
تحري صحابة رسول الله - ﷺ - لنقل الهيئة الداخلية لقراءته (الأداء)، كتحريهم لنقل أصل ألفاظه.
٦- التأني في تلاوة القرآن:

وهو جوهر الترتيل الذي أمر الله - عز وجل - به في قوله ﴿ وَرَتِّلِ الْقُرْءَانَ تَرْتِيلاً ﴾.
(١) سنن أبي داود ٢/ ٧٣، مرجع سابق، وقال الألباني: " ضعيف ".
(٢) حاشية السندي على النسائي ٢/١٨١، مرجع سابق.
(٣) صحيح ابن حبان بترتيب ابن بلبان ٦/٣١٨، مرجع سابق.


الصفحة التالية
Icon