والتأني يستلزم السكينة والوقار، ولذا ففي تفسير الجلالين: "ورتل القرآن: تثبت في تلاوته"، وقال الصاوي:" اقرأ بترتيلٍ، وتؤدةٍ، وسكينةٍ، ووقار" (١).
والتأني يقتضي إشباع الحركات كما سبق في كلام الزمخشري آنفاً، وفي التحرير والتنوير: "وأُريد بترتيل القرآن: ترتيل قراءته، أي التمهل في النطق بحروف القرآن حتى تخرج من الفم واضحةً، مع إشباع الحركات التي تستحق الإشباع" (٢).
وقال ابن حجر-رحمه الله تعالى- في حديث المعالجة (٣) :"وشاهد الترجمة منه: النهي عن تعجيله بالتلاوة؛ فإنه يقتضي استحباب التأني فيه، وهو المناسب للترتيل" (٤).
وتذكر حفصة –رضي الله تعالى عنها-الصورة التطبيقية لهذا التأني في قولها: كان النبي - ﷺ - يرتل السورة حتى تكون أطول من أطول منها، ويزيد هذا إيضاحاً حديث أبي وائل قال: غدونا على عبد الله فقال رجل: قرأت المفصل البارحة فقال: (هذّاً كهذ الشِعر؟، إنا قد سمعنا القراءة، وإني لأحفظ القرناء التي كان يقرأ بهن النبي - ﷺ -، ثماني عشرة سورة من المفصل، وسورتين من آل حم) (٥).
وإنما قال: (هذّاً كهذ الشِعر)؛ لأنهم كانوا إذا أنشدوا القصيدة، أسرعوا ليظهر ميزان بحرها، وتتعاقب قوافيها على الأسماع، والهذ: إسراع القطع (٦).

(١) حاشية الصاوي ٤/٣٣٨، مرجع سابق.
(٢) التحرير والتنوير ٢٩/٣١٦، مرجع سابق.
(٣) انظر: المبحث السادس من هذا الفصل.
(٤) فتح الباري شرح صحيح البخاري ٩/٩٠، مرجع سابق.
(٥) صحيح البخاري ٤/١٩٢٤، مرجع سابق.
(٦) التحرير والتنوير ٢٩/٣١٦، مرجع سابق.


الصفحة التالية
Icon