فهذا يحتمل أمرين: أحدهما: أن ذلك حدث من هز الناقة، والآخر: أنه أشبع المد في موضعه، فحدث ذلك، والثاني هو الصحيح بقرينة السياق؛ فإن في بعض طرقه (لولا أن يجتمع الناس لقرأت لكم بذلك اللحن) أي النغم. قال ابن حجر:"والذي يظهر أن في الترجيع قدراً زائداً على الترتيل، فعند ابن أبي داود من طريق أبي إسحاق عن علقمة قال: بت مع عبد الله بن مسعود في داره، فنام، ثم قام، فكان يقرأ قراءة الرجل في مسجد حيه لا يرفع صوته، ويسمع من حوله، ويرتل، ولا يرجع" (١)، ويدل لهذا الكلام ما جاء عن أم هانئ –رضي الله تعالى عنها-: كنت أسمع صوت النبي - ﷺ - وهو يقرأ وأنا نائمة على فراشي يُرَجِّعُ القرآن (٢).
كما يدل هذا الحديث على أن الترجيع غالب فعله في تلاوة القرآن الكريم.
فقد تحصل من هذا أن أداء القرآن يستلزم: تحريك اللسان والشفتين(القراءة)، والترتيل، والتغني، والترجيع.
... ويتضح مما سبق أن أداء القرآن ينقسم إلى قسمين:
أ الأداء الأصلي، ويمثل الترتيل بعناصر حقيقته، وهو المسمى في علم التجويد: حق الحروف.
ب- الأداء الفرعي: ويمثل التغني والترجيع حقيقة، ويسمى في علم التجويد مستحق الحروف.
... واللفظ يستحيل معناه بتغير الأداء الأصلي، أو تركه، وقد يحدث ذلك بترك الأداء الفرعي.
فالمراتب في أداء لفظ القرآن الكريم أربعة من حيث الماهية اللغوية، والمدلول الشرعي (وترجع هيئات الترتيل من تحقيقٍ، وحدرٍ، وتدويرٍ إليها):

(١) فتح الباري ٩/٩٢، مرجع سابق.
(٢) (الطحاوي) أبو جعفر أحمد بن محمد بن سلامة ٣٢١هـ: شرح معاني الآثار ١/٣٤٤، مراجعة محمد زهري النجار - ط١، ١٤١٠ هـ – ١٩٩٠م، دار الكتب العلمية –بيروت.


الصفحة التالية
Icon