٩- مماثلة قراءة النبي - ﷺ - لقراءة جبريل - عليه السلام - : ويدخل في ذلك مماثلة أصل اللفظ، وهيئة أدائه الداخلية، وذلك تطبيقاً لأمر الله، وتحقيقاً لوعده في قوله - عز وجل - ﴿ إِنَّ عَلَيْنَا جَمْعَهُ وَقُرْءَانَهُ ﴾ فتكفل سبحانه بجمع لفظ القرآن وهيئة أدائه في صدر النبي - ﷺ - (الحفظ)، وبأن يقرأه بعد كما سمعه من جبريل - عليه السلام - أصلاً وأداء، والاختلاف كائنٌ في الصوت فحسب، إذ صوت جبريل - عليه السلام - يختلف عن صوته - ﷺ -، ونفَسُه يختلف عن نَفَسهِ.
وأُكِد شمولُ هذا الوعد لأصل اللفظ ولأدائه بقوله - سبحانه وتعالى - ﴿ ثُمَّ إِنَّ عَلَيْنَا بَيَانَهُ ﴾ "القيامة /١٩"، والبيان هو إظهار الكلمة حرفاً حرفاً، دون دمجٍ، أو تداخل فلذا يُسَمَّى (الإظهار) -وهو حكمٌ من أحكام النون والميم الساكنتين في علم التجويد- البيان لأن فيه تبيين للنون والحرف الذي بعدها دون إخفاءٍ، أو قلبٍ، أو إدغامٍ، وتقدم الكلام عن ذلك (١).
والصورة التطبيقية لهذا عبر عنها ابن عباس - رضي الله عنه - بقوله: (فإذا انطلق جبريل - عليه السلام - قرأه النبي - ﷺ - كما قرأه [كما وعده الله] (٢).
والضمير في قوله ﴿ فَاتَّبِعْ قُرْءَانَهُ ﴾ لجبريل - عليه السلام - والتقدير: فإذا انتهت قراءة جبريل - عليه السلام - فأقرأ أنت، وتقدم تفصيل ذلك في المبحث السابع من هذا الفصل.

(١) انظر: حديث المعالجة في المبحث السادس من هذا الفصل ص١١٣.
(٢) صحيح البخاري ١/٦، مرجع سابق.


الصفحة التالية
Icon