١٠- قراءته - ﷺ - على الناس كما أقرأه جبريل - عليه السلام - من حيث أصلُ اللفظ وأداؤه: ويختلف عن البند السابق في أنه أخص منه مطلقاً من حيث أنه مأمورٌ بتلاوته على الناس لقوله - سبحانه وتعالى - ﴿... لأُنْذِرَكُمْ بِهِ... ﴾ "الأنعام/١٩"، وقوله: ﴿ إِنَّمَا أُمِرْتُ أَنْ أَعْبُدَ رَبَّ هَذِهِ الْبَلْدَةِ الَّذِي حَرَّمَهَا وَلَهُ كُلُّ شَيْءٍ وَأُمِرْتُ أَنْ أَكُونَ مِنْ الْمُسْلِمِينَ وَأَنْ أَتْلُوَ الْقُرْآنَ... ﴾ "النمل/٩١"، والسابق أعم من حيث أنه يقرؤه لنفسه أو للناس.
وإنما أُفْرِدت هذه النقطة بالذكر مع دخولها فيما سبق لأهميتها في إحداث اليقين القطعي بحقيقة: أن النبي - ﷺ - كان يقرأ ألفاظ كما أقرأه جبريل - عليه السلام - لا يَخْرِمُ منها حرفاً، ولا هيئةً لعموم قول ابن عباس - رضي الله عنه - :(كما أقرأه)، ولقوله - عز وجل - ﴿ قُلْ مَا يَكُونُ لِي أَنْ أُبَدِّلَهُ مِنْ تِلْقَاءِ نَفْسِي إِنْ أَتَّبِعُ إِلاَّ مَا يُوحَى إِلَيَّ... ﴾ "يونس/١٥".
فإذا اجتمع –كما سبق-:
١- الأمر الإلهي الموجب اتباع هيئةٍ معينةٍ للنطق بالقرآن (الأداء)، وهو قوله - سبحانه وتعالى - ﴿... وَرَتِّلِ الْقُرْءَانَ تَرْتِيلاً ﴾ "المزمل/٤" ونحوها،
٢- والتطبيق الملائكي (جبريل) - عليه السلام - لذلك الأمر مبالغة في اتباع تلك الهيئة كما في قوله - عز وجل - ﴿... وَرَتَّلْنَاهُ تَرْتِيلاً ﴾ "الفرقان/٣٢" (١)،
٣- والنص النبوي عليها (اقرأ وارق ورتل) (٢)... ونحوه،
٤- والتطبيقُ النبويُّ لها،
٥- ودقة وصف الصحابة لتلك الهيئة،
٦- مع تناقل هذه الهيئة عبر الأجيال...

(١) ويُلاحَظ بعين التأمل أن إيراد هذه الجملة كان أثناء حجاج الخصماء فيه، ليظهر بالغ أهميتها.
(٢) صحيح ابن حبان ٣/٤٣، مرجع سابق؛ إذ مفهومه دال على مراد التقرير، وكأحاديث التغني بالقرآن.


الصفحة التالية
Icon