كما أن في هذا التقرير إشارةٌ إلى منبع الوهم الزاعم عدم تواتر أوجه الأداء، وهو ما صرح به ابن الحاجب وابن خلدون -رحمهما الله تعالى- (١)
(١) أما ابن الحاجب: فصرَّح بذلك في مختصر الأصول له، وقد نفى عنه قومٌ ذلك بأن عبارة الاستثناء من التواتر لم ترد في النسخ المشورة من المختصر، وأما ابن خلدون فقد رجح ذلك في المقدمة ص٥٥٢ - تاريخ ابن خلدون - تأليف: عبد الرحمن بن خلدون ت٨٠٨ هـ ضبط المتن ووضع الحواشي والفهارس: خليل شحادة – مراجعة الدكتور: سهيل زكار – دار الفكر بيروت الطبعة الثالثة ١٤١٧هـ –١٩٩٦م: حيث قال: "وقد خالف بعض الناس في تواتر طرقها -يريد القراءات –؛لأنها عندهم كيفياتٌ للأداء، وهو غير منضبطٍ، وأباه الأكثر وقالوا بتواترها، وقال آخرون بتواتر غير الأداء منها كالمد والتسهيل لعدم الوقوف على كيفيته بالسمع وهو الصحيح" ولعله عنى بالبعض الذين رجَّح كلامهم ابن الحاجب فهو عنه ناقلٌ، ولو نفي التواتر عن الأداء كما قيل، لنفاه عن أصل اللفظ، وهو ما لا يقول به ابن الحاجب، ولا يرضاه، وهو الأصولي المقرئ الكبير؛ إذ الأداء يتضمن النطق بأصل اللفظ (وهذا المسمى مخارج الحروف)، وصفاته الأصلية، ويتضمن الصفات العارضة الناشئة عن الصفات الأصلية، ونفي تواتر الأداء نفي لأصل اللفظ سواءً أُريدَ به المتضَمن الأول أو الثاني، إذ لا يستقيم نفي الصفة العارضة بدون نفي أصلها، ولا تستطيع تصنيف التأني في القراءة صفةً أصلية، فلا جرم أنها إلى الصفات العارضة تنتسب بسببٍ، وأما الأول فأمره بينٌ، وقد تقدم في المتن تحليلٌ، والتكرار هنا هو في أسلوب طرح الكلام... فكلام ابن الحاجب-رحمه الله تعالى- حال ثبوته عنه، يُشير إلى ما صرَّح به من بعد ابن خلدون من أن المراد هو ما لا يتوقف ضبطه على السمع كمراتب المد..