... وحسب ذا القول أن يكون مناقضاً للمقتضى اللغوي لمادة الترتيل، ولما تراه من اجتماع الأمة على تفاصيل تطبيق الترتيل، الذي ينصرف مفهومه في أول وهلة إلى الصفات العارضة للقراءة وحروفها.
١١- تكرار المحفوظ: ليرسخ فيه، فقد قال الزمخشري -رحمه الله تعالى- :"فأمر أن يستنصت له، ملقياً إليه بقلبه وسمعه حتى يقضي إليه، ثم يقضيه بالدراسة إلى أن يرسخ فيه" (١)، وهو من معاني في قوله - عز وجل - ﴿ فَاتَّبِعْ قُرْءَانَهُ ﴾ قال الآلوسي-رحمه الله تعالى-: "اتبع قرآنه بالدرس على معنى كرره حتى يرسخ في ذهنك" (٢)، وأورد ابن جرير (٣) عن ابن عباس - رضي الله عنه - :"كان لا يفتر من القرآن مخافة أن ينساه، فقال الله - سبحانه وتعالى - :﴿ لا تُحَرِّكْ بِهِ لِسَانَكَ لِتَعْجَلَ بِهِ(١٦)إِنَّ عَلَيْنَا جَمْعَهُ ﴾ "القيامة/١٦-١٧" أن نجمعه لك ﴿ وَقُرْءَانَهُ ﴾ أن نقرئك فلا تنسى"؛ وهذا دالة على تكرار المحفوظ، والمعارضة والمدارسة نموذج للصورة التطبيقية لهذا التكرار.
١٢- تركيز المراجعة في قيام الليل: فقيام الليل له عدة تعلقات من حيث لفظ القرآن الكريم:
أ- هو محل استمداد عون الله، ولذا أُمِرَ النبي - ﷺ - بقيام الليل ليكون السبيل الذي يستعين به على تلقي هذا القول الثقيل.
ب- جعل قيام الليل محلاً للصورة التطبيقية في مراجعة القرآن الكريم
تثبيتاً للألفاظ، وتبييناً للأصوات، ففي قيام الليل تكون "مواطأة القرآن أشد موافقة لسمعه وبصره وقلبه" (٤)، وله بالقرآن تعلقان:

(١) الكشاف ٤/١٦٥، مرجع سابق، ومثله: أبو السعود ٥/٣٤٠، مرجع سابق.
(٢) روح المعاني ٢٩/٢٤٤، مرجع سابق.
(٣) تفسير الطبري ٢٩/١٩٠، مرجع سابق.
(٤) صحيح البخاري ١/٣٨٢، مرجع سابق، عن ابن عباس -رضي الله عنهما-، وقال ابن حجر- رحمه الله تعالى-: "وهذا وصله عبد بن حميد من طريق مجاهد". انظر: فتح الباري شرح صحيح البخاري ٣/٢٣، مرجع سابق.


الصفحة التالية
Icon