وعلاقة قوله - عز وجل - :﴿ إِنَّ نَاشِئَةَ اللَّيْلِ هِيَ أَشَدُّ وَطْئًا وَأَقْوَمُ قِيلاً ﴾ بما قبلها ﴿... وَرَتِّلِ الْقُرْءَانَ تَرْتِيلا(٤)إِنَّا سَنُلْقِي عَلَيْكَ قَوْلا ثَقِيلاً ﴾ "المزمل/٤-٥" أنها تعليلٌ لتخصيص زمن الليل بالقيام فيه، والمراد: إن في قيام الليل تزكيةٌ وتصفيةٌ لسرِك، وارتقاءٌ بك إلى المراقي الملكية، فالمعنى: إن صلاة الليل أعود على تذكر القرآن، والسلامة من نسيان بعض الآيات، وأعون على المزيد من التدبر، قال ابن عباس - رضي الله عنه - :"أدنى من أن يفقهوا القرآن"، وقال قتادة: "أحفظ للقرآن"، وقال ابن زيد:"أقوم قراءة لفراغه من الدنيا" (١)، وقد اشتهر حديث حذيفة - رضي الله عنه - في قيامه - ﷺ - بسورة البقرة وآل عمران والنساء (٢) أنموذجاً لورده - ﷺ - في المراجعة في قيام الليل.
وقد جعل النبي - ﷺ - قيام الليل ورداً للمراجعة اليومية؛ ولذا جعله البحث نموذجاً للوقت النموذجي لها (٣)، فقد كان النبي - ﷺ - يقرأ ما يُلْقَى إليه في الليل أثناء قيامه في الصلاة.
ولمراجعة القرآن في صلاة الليل أثرٌ في تثبيته بل ذلك أحد أهم قواعد حفظه. وفي موضوع تلقي النبي - ﷺ - يوجد دليلان: عامٌ وخاصٌ في مراجعته - ﷺ - في الليل:
(٢) رواه مسلم ٣/٣٤٢، مرجع سابق.
(٣) لا يعني هذا نفي الغايات الشرعية الأخرى لقيام الليل.