بل كان يؤكد على المراجعة ببيان وسائل التدارك عند الفوات فعن عبد الرحمن ابن عبد القاري: قال سمعت عمر بن الخطاب - رضي الله عنه - يقول: قال رسول الله - ﷺ - :(من نام عن حزبه، أو عن شيء منه فقرأه فيما بين صلاة الفجر وصلاة الظهر كتب له كأنما قرأه من الليل) (١)، وقد شمل قوله (حزبه) الصلاة والقرآن، وهو إلى القرآن أقرب؛ إذ مصطلح الحزب على لسان النبي - ﷺ - يختص بالقرآن (٢).
كما جعل - ﷺ - شدة الحض على قيام الليل مع الاهتمام فيه بقراءة القرآن مقترناً ببيان الحد الأدنى للقراءة أمراً لازماً لتكون دافعاً إلى الترقي المستمر في زيادة كمية المقروء كما في قوله - ﷺ - :(من قام بعشر آيات لم يكتب من الغافلين، ومن قام بمائة آية كتب من القانتين، ومن قام بألف آية كتب من المقنطرين) (٣)، وفي الحديث إشارةٌ برمي الذي لم يقم بعشر آيات بالغفلة، وفي ذلك تهييجٌ نحو القيام، وقراءة هذا المقدار، وما الحكم هنا إلا غير تحريمٍ لترك قيام الليل ما أشبهه بالتحريم.

(١) صحيح مسلم ١/٥١٥، مرجع سابق.
(٢) ففي مسند الإمام أحمد بن حنبل ٤/٩: عن أوس بن حذيفة أن رسول الله قال: (طرأ على حزب من القرآن، فأردت أن لا أخرج حتى أقضيه) -قال- (فسألنا أصحاب رسول الله - ﷺ - حين أصبحنا -قال- قلنا: كيف تُحَزِبون القرآن؟ قالوا: نُحَزِبه ثلاث سورٍ، وخمس سورٍ، وسبع سورٍ، وتسع سورٍ، وإحدى عشرة سورةً، وثلاث عشرة سورةً، وحزبَ المفصل من قاف حتى يختم). وهو في سنن ابن ماجه ١/٤٢٧ وقال الألباني: ضعيف.
(٣) صحيح ابن حبان ٦/ ٣١٠، مرجع سابق، وصحيح ابن خزيمة ٢/ ١٨١، انظر: (ابن خزيمة) إمام الأئمة أبو بكر محمد بن إسحاق بن خزيمة السلمي ت ٣١١هـ: صحيح ابن خزيمة، مراجعة: د. محمد مصطفى الأعظمي ١٣٩٠هـ-١٩٧٠م، المكتب الإسلامي-بيروت.


الصفحة التالية
Icon