بل شُرِعت الوسائل البديلة لقيام الليل لمن فتر أو كسل متضمنة الارتباط الدائم بالقرآن، والاستفزاز الشعوري بقيام الليل، وإن لم يقمه فقد قال - ﷺ - :(من قرأ بمائة آية في ليلة كتب له قنوت ليلة) (١)، وسواءً كان معنى الحديث القراءة المجردة، أو القراءة مع قيام الليل الذي أَشْعَرَ به تعدية الفعل بالباء، فإطلاق القراءة فيه كافٍ في الاستدلال على المطلوب.
على أن حرص النبي - ﷺ - على استذكار القرآن ومراجعته أوضح من أن يُدَلل عليه، ولئن كان قد قال في حرفةٍ عادية: (من علم الرمي ثم تركه فليس منا فقد عصى) (٢)، لهو قائلٌ ثم فاعلٌ أكثر من ذلك في أصل أصول الشريعة الإسلامية.
١٣- التعاهد السنوي: وذلك بمراجعة القرآن على جبريل - عليه السلام - سنوياً في كل رمضان، ويأتي تحليل هذا الموقف التعليمي (٣)، وهذا هو الأصل الشرعي المنهجي في العرضة الثانية أو الثالثة تأكيداً وتثبيتاً للمحفوظ، وهذا التعاهد غير التعاهد الدائم (المراجعة الدائمة)؛ إذ كلامنا عن اتصال الرسول - ﷺ - التعليمي بجبريل - عليه السلام - في القرآن الكريم من حيث اللفظ، والمراجعة الدائمة عملٌ ذاتي.
فإن اعتُرض بأنه: لم يتم عرض الجزء الذي نزل بعد آخر رمضان قبل موت النبي - ﷺ - ؟.

(١) (المقدسي) أبو عبد الله محمد بن عبد الواحد بن أحمد الحنبلي ت ٦٣٤هـ : الأحاديث المختارة ٨/ ٢٧٨، تحقيق: عبد الملك ابن عبد الله دهيش، ١٤١٠هـ، مكتبة النهضة الحديثة، مكة المكرمة.
(٢) رواه مسلم ٣/ ١٥٢٢، مرجع سابق.
(٣) في المبحث التاسع من هذا الفصل ص١٧٧.


الصفحة التالية
Icon