أ- أن المدارسة تستلزم الفقه الدقيق، ولا بد من أن يُجْمَع ذاك إلى حسن المعنى وتركيزه، صحةَ اللفظ وعذوبته وقوته، كما جاء عن عبد الملك بن عمير عن قبيصة ابن جابر: (ألا أخبركم عن من صحبت؟! صحبت عمر بن الخطاب، فما رأيت أحداً أفقه في كتاب الله، ولا أحسن مدارسةً منه... ) (١). فليس المعنى فقط هو المعتبر في المدارسة، وظاهرٌ أنه لا يستطاع الوصول إليه إلا عبر اللفظ، فإن كان هذا اللفظ هو كلام الله - عز وجل - كان من البدهي أن لكل حرفٍ فيه دلالته التي لا يقوم غيره فيها مقامه....
ب- والمدارسة الرمضانية هي الأساس الشرعي المنهجي للعرضة الثانية، والثالثة للقرآن الكريم من الطالب على شيخه | كما هو معمول به عند المسلمين، تدقيقاً للفظ وتأكيداً للحفظ، وتثبتاً من الأداء. |
(١) (المزي) أبو الحجاج جمال الدين يوسف بن الزكي عبد الرحمن ت ٧٤٢ هـ: تهذيب الكمال ٢٣/٤٧٢، مراجعة: بشار عواد معروف، ١٤٠٠هـ -١٩٨٠م، مؤسسة الرسالة -بيروت، وقد رواه البخاري في التاريخ الكبير ٧/ ١٧٥، ومما يلزم إضافته في سياق تقرير المعنى المشار إليه: أن قبيصة قد تأثر بصحبة هؤلاء الأساتذة، فكان كما قال عبد الملك ابن عمير إذا ذكر الفصحاء: "فصحاء الناس ثلاثة:
الحسن البصري، وموسى بن طلحة القرشي، وقبيصة بن جابر الأسدي | " تهذيب الكمال ٢٣/٤٧٢، مرجع سابق. |