قال ابن حجر-رحمه الله تعالى-: "وهذا ظاهرٌ في أنه كان يلقاه كذلك في كل رمضان منذ أنزل عليه القرآن، ولا يختص ذلك برمضانات الهجرة، وإن كان صيام شهر رمضان إنما فُرِض بعد الهجرة؛ لأنه كان يسمى رمضان قبل أن يفرض صيامه" (١).
٤- التركيز في عنصر الوقت لتثبيت ومراجعة لفظ القرآن الكريم: وذلك باعتماد الدرس الليلي: إذ كانت المعارضة تتم ليلاً، ليتم الوصول إلى الكمال في الإحاطة بالدرس القرآني إذ يتم حفظ، أو مراجعة ما يراد تثبيته من الليل، ثم يعقبه نومٌ، ثم تجري مراجعته سحراً أو بكرة؛ لأنه إذا تساوى زمن الحفظ واليقظة بين التعلم والتذكر؛ فإن زمن النوم أقل ضرراً على الحفظ من زمن اليقظة؛ لعدم التعرض لخبراتٍ جديدة خلال النوم يحصل بسببها النسيان؛ فإن النسيان إنما يحدث من جراء حصول خبراتٍ جديدة، يفسح لها الدماغ مجالاً، فيطمس أشياء قبلها (٢)، ولذا قال ابن حجر-رحمه الله تعالى: "اختيار الليل لأن المقصود من التلاوة الحضور والفهم، لأن الليل مظنة ذلك، لما في النهار من الشواغل والعوارض الدنيوية والدينية". وقد مر نحو هذا في فوائد آيات المزمل (٣).
٥- التركيز في عنصر الوقت: اعتماد رمضان زماناً للمعارضة، ولا يخفى مدى ملاءمة ذلك.

(١) فتح الباري ٤/٢٨٥، مرجع سابق.
(٢) المهارات الدراسية ص١٢٤ بواسطة: مقال ظاهرة النسيان، مجلة البيان، عدد ١٠٥، مرجع سابق.
(٣) تكرر في أكثر من موضع، انظر (مثلاً): ص١٧٢ من هذا البحث.


الصفحة التالية
Icon