٦- التركيز في عنصر الوقت: تعويض المعارضة عند فواتها لعارض: وتقدم (١)، وتجدر الإشارة إلى استبعاد الغرض التعبدي المحض من تعويض المعارضة؛ لأن الأجر يُكْتَبُ لدائم العمل إن حجب عنه لعارضٍ معتبرٍ كسفرٍ أو مرض على ما تقرر في التقعيد الأصولي (٢)، فقد ثبت النص بذلك فعن أبي بردة –واصطحب هو ويزيد بن أبي كبشة- في سفرٍ، فكان يزيد يصوم في السفر، فقال له أبو بردة: سمعت أبا موسى-يعني أباه هو الأشعري - رضي الله عنه - مراراً يقول: قال رسول الله - ﷺ - :(إذا مرض العبد أو سافر كتب له مثل ما كان يعمل مقيماً صحيحاً) (٣).
وكل ما سبق يجعل الحكم بإلزامية المراجعة السنوية على النبي - ﷺ - أمراً بالغ الوضوح.
ويجب إبراز ملاحظةٍ هي: أن ما تفرع عما تقرر أعلاه من تعويض المعارضة تأسس على تحتم المراجعة عليه - ﷺ -، ولقائلٍ أن يقول: لا نُسَلِّمُ تعويض المعارضة، بل ما يُحْجَبُ جبريل - عليه السلام - عن معارضة النبي - ﷺ - القرآن في سفره، وكونه لم يُنْقَل فلأن عدم العلم ليس علماً بالعدم، ويكفي قرائن الأحوال الأخرى، أما المعارضة مرتين في آخر رمضان فتأكيداً على القرآن الكريم لا للتعويض، وهو الذي يظهر من الحديث.
٧- تثبيت الحفظ بالعمل، والعبادات التي تباركه: ويُلْمَحُ هذا من الحالة النفسية التي تتعاظم عندها الطاعة بعد تلقي القرآن الكريم أو مدارسته مع جبريل - عليه السلام -، وتلك مسألةٌ واضحةٌ في نص الحديث:
في زيادة الإنفاق من حيث الشكر،
وقيام الليل من حيث المراجعة والذكر،

(١) انظر ص١٧٤ من هذا البحث.
(٢) انظر: الموافقات ١/٣٤٢، مرجع سابق.
(٣) صحيح البخاري ٣/١٠٩٢، مرجع سابق.


الصفحة التالية
Icon