وتمام القول أن خلقه القرآن، وذاك كافٍ في الإقامة عليه، والحفاظ على نصه؛ إذ قد استحالت الألفاظ بمعانيها إلى جسدٍ متحرك، قال ابن حجر-رحمه الله تعالى- في شرح هذا الحديث:"قيل الحكمة فيه: أن مدارسة القرآن تجدد له العهد بمزيد غنى النفس، والغنى سبب الجود، والجود في الشرع إعطاء ما ينبغي لمن ينبغي، وهو أعم من الصدقة، وأيضاً فرمضان موسم الخيرات، لأن نعم الله على عباده فيه زائدة على غيره فكان النبي - ﷺ - يؤثر متابعة سنة الله في عباده فبمجموع ما ذكر من الوقت، والمنزول به، والنازل، والمذاكرة حصل المزيد في الجود والعلم عن الله تعالى" (١).
ففي هذا الحديث أن مداومة التلاوة توجب زيادة الخير (٢).
المطلب الثالث: متضَمَّنات المعارضة: تتضمن المعارضة بين جبريل - عليه السلام - والنبي - ﷺ - المفاهيم التالية:
١- الإراءة: إذ: "عرض الشيء عليه يعرضه عرضةً أراه إياه" (٣)... فعَرْضُ النبي - ﷺ - القرآن على جبريل - عليه السلام - يتضمن نظر جبريل - عليه السلام - في لفظ النبي - ﷺ - وأدائه تصويباً، وتفهيماً، وتعبداً، وعرض جبريل - عليه السلام - يتضمن نظر النبي - ﷺ - في لفظ جبريل - عليه السلام - تعلماً، وتفهماً، وتعبداً، إذ كلٌ منهما يُرِي الآخر لفظه، وأداءه، ويحتمل أيضاً: ومعناه، ولذا جاء في مادة عرض: "وعرضت الكتاب، وعرضت الجند عرض العين إذا أمررتهم عليك، ونظرت في حالهم" (٤).
(٢) انظر: فتح الباري ١/٤٦، مرجع سابق.
(٣) لسان العرب ٩/١٣٧، مرجع سابق.
(٤) لسان العرب ٩/١٣٨، مرجع سابق.