٤- العَرَضية اللفظية:

إذ إن استخدام لفظة يعرض في أغلب الروايات عند الراوي الواصف لما حدث، ثم مجيئها على لسان النبي - ﷺ - (١) دالٌ على فحواها، وهو عرض الألفاظ واستعراضها، ومعلومٌ أن العرض ضد الطول (٢) فهل يكون أثر إيقاع هذه اللفظة الدقيقة الوصف إلا عرض الألفاظ واحداً واحداً، واقتضاء لفظة العرض سبر الجوانب الداخلية في اللفظة أداءٌ ومعنى ؟.
فيعرض "من العرض وهو بفتح العين وسكون الراء، أي يقرأ، والمراد يستعرضه ما أقرأه إياه" (٣) بل قد صرح بعض شراح الحديث أثناء شرحهم لحديث المعالجة بأن العرضية تشمل الحروف حرفاً حرفاً، قال السندي –رحمه الله تعالى-:" يحرك شفتيه أي لكل حرفٍ عقب سماعه من جبريل - عليه السلام - " (٤).
(١) راجع متن الحديث في المطلب الأول من هذا المبحث ص١٧٧.
(٢) لسان العرب ٩/١٣٧، مرجع سابق، مختار الصحاح ١٧٨، مرجع سابق، وفيه: "وعَرَضَ الشيء فأَعْرَضَ، أي أظهره فظهرن فهو كقولهم كبَّه فأكبَّ، وهو من النوادر وقوله - عز وجل - ﴿ وَعَرَضْنَا جَهَنَّمَ يَوْمَئِذٍ لِلْكَافِرِينَ عَرْضًا... ﴾ "الكهف/ ١٠٠" أي أبرزناها حتى نظروا إليها، فأعْرَضَتْ هي أي استبانت وظهرت، ورآه في عُرْض الناس أيضاً أي فيما بينهم، وفلانٌ من عُرْض الناس أي من العامة، وفلان عُرْضَةٌ للناس أي لا يزالون يقعون فيه، وجعلت فلاناً عرضة لكذا أي نصبته له، وقوله - سبحانه وتعالى - ﴿ وَلا تَجْعَلُوا اللَّهَ عُرْضَةً لأَيْمَانِكُمْ... ﴾ "البقرة/٢٢٤" أي نصباً، ونظر إليه من عُرْضٍ" وهذا كله مقررٌ مبدأ (العرضية اللفظية)، والقصد من استخدام هذه اللفظة لبيان جعل ألفاظ القرآن عرضة للمقابلة والإظهار في (عُرْض) الألفاظ أي فيما بينها من (عُرْض) الألفاظ أي من عامتها.
(٣) فتح الباري ٩/٤٣، مرجع سابق.
(٤) حاشية السندي ٢/٣٤، مرجع سابق.


الصفحة التالية
Icon