٥- المعارضة هي الغاية في تحقيق اللفظ والتثبت منه: فالعرض هو قراءة التلميذ على شيخه، ويقابله السماع وهو قراءة الشيخ وسماع تلميذه منه، وقد يستعمل أحدهما في معنى الآخر، والقراءة أعم منهما، ولذا بوب البخاري:"باب القراءة والعرض على المحدث" (١)... قال ابن حجر:" إنما غاير بينهما بالعطف لما بينهما من العموم والخصوص، لأن الطالب إذا قرأ كان أعم من العرض وغيره، ولا يقع العرض إلا بالقراءة؛ لأن العرض عبارة عما يعارض به الطالب أصل شيخه معه، أو مع غيره بحضرته فهو أخص من القراءة "... (٢)، وهذا معناه بالمفهوم الحديثي، ولا بد فيه من القراءة، فلا تسمى المناولة (٣) عرضاً إلا تقييداً.
وقد ذكر العلماء الاختلاف بين العرض والسماع من حيث الأفضلية في التحقيق العلمي للنص: على ثلاثة أقوال:
الأول وهو المشهور: الذي عليه الجمهور أن السماع من لفظ الشيخ أرفع رتبةً من القراءة عليه ما لم يعرض عارضٌ يصير القراءة عليه أولى، ومن ثم كان السماع من لفظه في الإملاء أرفع الدرجات لما يلزم منه من تحرز الشيخ والطالب.
والثاني: القراءة على الشيخ أرفع من السماع من لفظه، ونقله الدارقطني في غرائب مالك عنه، ونقله الخطيب بأسانيد صحيحة عن شعبة وابن أبي ذئب وغيرهما، واعللوا ذلك: بأن الشيخ لو سها لم يتهيأ للطالب الرد عليه، وعن أبي عبيد قال: القراءة علي أثبت وأفهم لي من أن أتولى القراءة أنا (٤).

(١) صحيح البخاري ١/٦٠، مرجع سابق.
(٢) فتح الباري ١/١٥٠، مرجع سابق.
(٣) هي أن يناول الشيخ كتابه الأصل لطالبه، ويجيزه فيه... على تفصيلٍ في ذلك، انظر: فتح الباري ١/١٥٠، مرجع سابق، تدريب الراوي ٢/١٧٠، مرجع سابق.
(٤) انظر: فتح الباري ١/١٣٥، مرجع سابق.


الصفحة التالية
Icon