ولذا كان - ﷺ - يصرح أحيناً بواسطته عن ربه في الوحي مع أنها معلومة ضرورة كما في مسند الشهاب سمعت جابر بن عبد الله يقول: قال رسول الله - ﷺ - : قال جبريل - عليه السلام - : قال الله - سبحانه وتعالى - :(هذا دينٌ ارتضيته لنفسي، ولن يصلحه إلا السخاء وحسن الخلق فأكرموه بهما ما صحبتموه) (١).
وإنما أراد - ﷺ - من ذلك أن تصير هذه الحقيقة ضرورةً في حياة الأمة؛ لتغدو في قلبها، وعلى ألسنة أبنائها بدهيةً لا تحتاج إلى نظر أو استدلال، وهو ما يُلْمَس من النصوص السابقة.
المطلب الثاني: من حيث مؤشراتٌ في طريقة التلقي:
أولاً: التعليم المباشر للبدايات والنهايات ومواضع الآيات: ومسلك جبريل - عليه السلام - في تعليم النبي - ﷺ - هذه الناحية يأتي على وجهين:
وجهٌ خاصٌ: بالتنصيص على مكان الآية، ونهاية السورة، كحديث عثمان بن أبي العاص - رضي الله عنه - قال: كنت عند رسول الله - ﷺ - جالساً، إذ شخص ببصره، ثم صوبه حتى كاد أن يلزقه بالأرض -قال-: ثم شخص ببصره، فقال: (أتاني جبريل - عليه السلام - فأمرني أن أضع هذه الآية بهذا الموضع من هذه السورة ﴿ إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُ بِالْعَدْلِ وَالإِحْسَانِ وَإِيتَاءِ ذِي الْقُرْبَى وَيَنْهَى عَنْ الْفَحْشَاءِ وَالْمُنكَرِ وَالْبَغْيِ يَعِظُكُمْ لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَ ﴾ "النحل/٩٠") (٢).
(من أهان لي ولياً فقد بارزني بالمحاربة | )، وأصله في صحيح مسلم ١/٤٣٢، مرجع سابق. |