أ - التنبيه بالأدنى على الأعلى: وعليه اعتمد الباقلاني-رحمه الله تعالى- في الرد على من نسب إلى ابن مسعودٍ - رضي الله عنه - إنكار المعوذتين، فقال: "ولو كان قد أنكر -يعني عبد الله ابن مسعود- السورتين على ما ادعوا -لكانت الصحابة تناظره على ذلك، وكان يظهر وينتشر، فقد تناظروا في أقل من هذا، أمرٌ يوجب التكفير والتضليل، فكيف يجوز أن يقع التخفيف فيه" (١).
وإذا كان التكليف بالأمور العبادية الفرعية مثلاً قد بلغ مستوىً من الدقة في التوقيف تعجم كل من يريد التهوين من اللفظ القرآني، فتحيل ما أعجمه مهملاً، فكذلك نقل كلام الله - عز وجل - | ومن نماذج ذلك أن النبي - ﷺ - جاءه جبريل - عليه السلام - في أول ما أُوحِيَ إليه فأراه الوضوء والصلاة، فلما فرغ من الوضوء أخذ غرفة من ماء، فنضح بها فرجه (٢). |
(١) (الباقلاني)أبو بكر بن الطيب: إعجاز القرآن ص٣٦٥، قدم له وشرحه وعلق عليه: الشيخ محمد شريف سكر، بيروت دار إحياء العلوم، ط١، ١٤٠٨هـ – ١٩٨٨م. وهذا الدليل من أعظم الأدلة التي تبين فقه المتفقه ودقيق بصره... وتراه يُذْكَرُ مبثوثاً في كتب أصول الفقه بأسماء متعددة منها: القياس الأولوي، والعموم المعنوي، ونحو ذلك... ومن أجل هذه الأهمية التي يكتسبها هذا الدليل نبه عليه ابن رشد -رحمه الله تعالى- في مقدمة كتابه الفقهي الفريد: بداية المجتهد، انظر: (ابن رشد) القاضي أبو الوليد محمد بن أحمد بن رشد الحفيد ت ٥٩٥ هـ: بداية المجتهد ونهاية المقتصد - المقدمة ١/٥، تحقيق وتعليق: محمد صبحي حسن حلاق، الطبعة الأولى ١٤١٥ هـ مكتبة ابن تيمية – القاهرة.
(٢) (الكسي) أبو محمد عبد بن حميد بن نصر ت ٢٤٩هـ : المنتخب من مسند عبد بن حميد، مراجعة: صبحي البدري السامرائي ـ محمود محمد خليل الصعيدي، ١٤٠٨هـ - ١٩٨٨م، مكتبة السنة - القاهرة، ورواه ابن ماجة ١/١٥٧، مرجع سابق. وقال الألباني: "صحيح".
(٢) (الكسي) أبو محمد عبد بن حميد بن نصر ت ٢٤٩هـ : المنتخب من مسند عبد بن حميد، مراجعة: صبحي البدري السامرائي ـ محمود محمد خليل الصعيدي، ١٤٠٨هـ - ١٩٨٨م، مكتبة السنة - القاهرة، ورواه ابن ماجة ١/١٥٧، مرجع سابق. وقال الألباني: "صحيح".