فعن أنسٍ - رضي الله عنه - قال: لما ثقل النبي - ﷺ - جعل يتغشاه، فقالت: فاطمة –رضي الله تعالى عنها- واكرب أبتاه!، فقال لها: (ليس على أبيك كرب بعد اليوم)، فلما مات، قالت: (يا أبتاه! أجاب رباً دعاه، يا أبتاه! من جنة الفردوس مأواه، يا أبتاه! إلى جبريل ننعاه)، فلما دفن قالت فاطمة –رضي الله تعالى عنها-: (يا أنس! أطابت أنفسكم أن تحثوا على رسول الله - ﷺ - التراب؟) (١).
لا!... -يا ابنت رسول الله!لم تطب... وإنما نعته إلى جبريل - عليه السلام - لأنه مُعَلَّمه وصاحبه، وخليله، ووزيره... فإليه يُنعى... وأما الله –جل ذكره- فقدر موته، وإليه المرجع والمآب.
المطلب الثالث: التعاهد والاستدراك:
أولاً: التعاهد: من حيث ارتباطه بموضوع البحث، فإن نماذجه تنقسم إلى قسمين: عامٍ وخاصٍ:
١- التعاهد العام، وهو من حيث كون جبريل - عليه السلام - شيخ الرسول - ﷺ - ومعلمه:
يصل تعاهد جبريل - عليه السلام - للنبي - ﷺ - حد المواساة والتثبيت له في شخصه، فكيف في أصل رسالته؟ فعن أنس بن مالك - رضي الله عنه - قال: جاء جبريل - عليه السلام - إلى النبي - ﷺ - ذات يوم وهو حزينٌ جالسٌ، قد ضربه بعض أهل مكة، فقال: (فعل بي هؤلاء وفعلوا) قال: تحب أن أريَك آيةً؟ فنظر إلى شجرةٍ من وراء الوادي، فقال: ادع تلك الشجرة. فدعاها. فجاءت تمشي حتى قامت بين يديه فقال لها: ارجعي. فرجعت حتى عادت إلى مكانها فقال النبي - ﷺ - حسبي) (٢).
(٢) مسند أبي يعلى٦/٣٥٨، مرجع سابق، وقال المحقق: "إسناده على شرط مسلم"، وأخرجه ابن ماجة ٢/١٣٣٦، مرجع سابق، وصححه الألباني.