إن أول أسس نقل القرآن الكريم هو الرواية القرائية التي تعتمد في ثبوتها ثم في قبولها على أصلين: الحفظ في الصدر (قرآن)، والحفظ في السطر (كتاب)... مع أن الثاني تابعٌ للأول، لا يستقل بذاته بخلاف الأول، ولذا كانت تسمية القرآن بالقرآن أشهر من تسميته بالكتاب.
وهذا الأساس في نقل القرآن الكريم هو غاية الأسس المنهجية لتعليم جبريل - عليه السلام - النبي - ﷺ - ألفاظ القرآن، ثم أضحى حفظ القرآن في الصدر يعد الأساس الأول قي جواز نقل القرآن الكريم وإقرائه، ولذا قال أبو موسى الأشعري - رضي الله عنه - :(احفظوا عنا؛ كما حفظنا) (١).
وقد ورد لفظ الحفظ صريحاً موصوفاً به إيداع القرآن في الذاكرة في حديث أبي الدرداء - رضي الله عنه - أن النبي - ﷺ - قال: (من حفظ عشر آيات من أول سورة الكهف عصم من الدجال) (٢).
وورد موصوفاً به الغاية من عملية تلقي القرآن في حديث ابن عباس - رضي الله عنه - في نزول آيات القيامة (٣)، وهو معنى الجمع الوارد في سورة القيامة؛ إذ تفسيره بالحفظ هو قول جميع المفسرين حقيقةً أو حكماً، واستخدم المسلمون هذه اللفظة فيما يثبت في الذاكرة، فعن عمر - رضي الله عنه - قال: (قام فينا النبي - ﷺ - مقاماً، فأخبرنا عن بدء الخلق حتى دخل أهل الجنة منازلهم، وأهل النار منازلهم حفظ ذلك من حفظه، ونسيه من نسيه) (٤).

(١) أخرجه ابن عبد البر في جامع بيان العلم وفضله ١/٢٨٢، وصحح محققه إسناده.
(٢) صحيح مسلم١/٥٥٥، مرجع سابق.
(٣) انظر: حديث المعالجة في المبحث السادس من الفصل الثالث ص١١٣.
(٤) رواه البخاري ٣/١١٦٦، مرجع سابق.


الصفحة التالية
Icon