٢- أنه مَلَك: والمَلَك واحد الملائكةُ، وهو في الأصل جمع مَلأكٍ ثم حُذفَتْ همزتُه لكثرة الاستعمال فقيل مَلَكٌ، وقد تحذفُ الهاء فيقال مَلائِك، وقيل أصلُه مَأْلَكٌ بتقديم الهمزة من الألُوك الرسالة، ثم قدِّمَت الهمزة وجُمع (١)، فالرسالة طبيعة ذاتية ملازمة لكون الملك ملكاً، وهذه الرسالة هي ما يصدر إلى الملائكة من أوامر فيؤدونها أدق أداء، وأتمه؛ لأن الرسالة طبيعة ذاتية فيهم، وليس يخفى أن هذه هي أولى وسائل اليقين في نقل القرآن، إذ كون الرسالة طبيعة ذاتية في الملائكة يستلزم: الأمانة في نقلها، وإتقان النقل، ويعضد هذا أنهم المختارون ليكونوا وسائط بين الله - عز وجل - وخلقه، ولذا فقوله تعالى ﴿ لاَ يَسْبِقُونَهُ بِالْقَوْلِ وَهُمْ بِأَمْرِهِ يَعْمَلُونَ ﴾ "الأنبياء/٢٧" إيضاحٌ لحال الملائكة، وليس بتأسيس لصفة جديدة بعد نعتهم بالملائكية، واقتضى هذا الإيضاحَ دحضُ تخرصات الشرك وأهله في طبيعة الملائكة.

(١) النهاية في غريب الأثر ٤/٣٥٨، مرجع سابق، وفيه: "وفي حديث جرير: عليه مَسْحَةُ مَلَكٍ، أي أثَرٌ من الجمال لأنهم أبداً يصِفُون الملائكَةَ بالجَمالِ". وهذه صفة خَلْقية أخرى إلا أنه لا يتعلق بها كبير أمر هنا.


الصفحة التالية
Icon