فإن اعتُرِض بأن: القراءة تتحقق القراءة بكلمةٍ وكلمتين، وآيةٍ وآيتين، وسورةٍ وسورتين، فأين وجوب قراءته عليه كله، ومن ثم فأين وجوب حفظه عليه كله؟.
فالجواب مما سيأتي:
٢ – أميته - ﷺ - : فهو ﴿ الرَّسُولَ النَّبِيَّ الأُمِّيَّ... ﴾ "الأعراف/١٥٧"، وقد قال - ﷺ - :(إنا أمةٌ أميةٌ لا نكتب ولا نحسب، الشهر هكذا وهكذا، يعني مرة تسعة وعشرين، ومرة ثلاثين) (١) ومن كان ذا شأنه فهو يحفظ، فلو لم يؤمر بالقراءة لكانت أميته كافيةً في وجوب الحفظ عليه.
ولذا كانوا يعتمدون على حفظهم للسنن النبوية؛ فقد دخل زيد بن ثابتٍ - رضي الله عنه - على معاوية - رضي الله عنه - فسأله عن حديث، فأمر إنساناً يكتبه، فقال له زيد: (إن رسول الله - ﷺ - أمرنا أن لا نكتب شيئاً من حديثه فمحاه) (٢)، فما هم فاعلون في كلام رب البرية - عز وجل - ؟.
٣- مقتضى إرساله، وحقيقة وظيفته - ﷺ - وهو التبليغ، ورأس ما يبلغه - ﷺ - القرآن، وقد قال ربه - سبحانه وتعالى - :﴿... بَلِّغْ مَا أُنزِلَ إِلَيْكَ مِنْ رَبِّكَ... ﴾ "المائدة /٦٧" ﴿... إِنْ عَلَيْكَ إِلاَّ الْبَلاغُ... ﴾ "الشورى/٤٨ "، ولا يكون مبلغاً رسالة ربه وهو لم يُحِط بالقرآن حفظاً، أنى، وقد قال ربه - عز وجل - :﴿... وَإِنْ لَمْ تَفْعَلْ فَمَا بَلَّغْتَ رِسَالَتَهُ... ﴾ "المائدة /٦٧"... وقول الله - سبحانه وتعالى - :﴿... وَأُوحِيَ إِلَيَّ هَذَا الْقُرْآنُ لأُنذِرَكُمْ بِهِ وَمَنْ بَلَغَ... ﴾ "الأنعام/١٩" قاطعٌ لكل خطيب في هذه المسألة.
(٢) سنن أبي داود ٣/٣١٨، مرجع سابق، وفي مسألة النهي عن كتابة حديث الرسول - ﷺ -، انظر: تدريب الراوي ٢/٢٣٤، مرجع سابق.