ومن هذه العوامل المساعدة على الحفظ: التنبيه ابتداءً على صعوبة المحفوظ من حيث اشتماله على معانٍ غير متوقعة، ولا معتادةٍ في تفاصيلها، لئلا يدور بخلد الذي يريد الحفظ وهو (النبي) - ﷺ - أولاً أنها معتادة فاللسان لن يضيعها؛ فيتأهب له، ويقدره حق قدره، كما قال - عز وجل - ﴿ إِنَّا سَنُلْقِي عَلَيْكَ قَوْلا ثَقِيلا ﴾ "المزمل /٥"، والثقل الموصوف به القول ثقلٌ مجازي لا محالة مستعارٌ لصعوبة حفظه؛ لاشتماله على معانٍ ليست من معتاد ما يجول في مدارك قومه، فيكون حفظ ذلك عسيراً على الرسول - ﷺ - الأمي، تنوء الطاقة عن تلقيه، فقد مهد لهذه الحقيقة بأوامر هي وسائل لتحقيق مقتضاها: من قيام ليلٍ، وترتيل قرآنٍ، فقوله - سبحانه وتعالى - :﴿ إنَّا سَنُلْقِي عَلَيْكَ قَوْلا ثَقِيلاً ﴾ "المزمل /٥" تعليلٌ للأمر بقيام الليل (١).

(١) انظر: التحرير والتنوير٢٩/١٦٤، مرجع سابق، ولا ينافي هذا تيسير القرآن للذكر؛ إذ هو كذلك بالنظر إلى أنه الحق الصالح برغم صغر حجمه لكل زمانٍ ومكانٍ هادياً في كل مجال، وهو كذلك بالنظر إلى من اتبع قواعده في أسلوب حفظه، ولذا أمر النبي - ﷺ - بتعاهده فهو أشد تفلتاً من الإبل في عقلها.


الصفحة التالية
Icon