١٢ - الترهيب من نسيان القرآن: وإن لم يصح في عقوبةٌ ذلك حديث مرفوع (١)، فقد دخل في عموم قوله - سبحانه وتعالى - :﴿ قَالَ رَبِّ لِمَ حَشَرْتَنِي أَعْمَى وَقَدْ كُنتُ بَصِيرًا(١٢٥)قَالَ كَذَلِكَ أَتَتْكَ آيَاتُنَا فَنَسِيتَهَا وَكَذَلِكَ الْيَوْمَ تُنسَى ﴾ "طه/١٢٤-١٢٥" (٢)، وقال ابن حجر في قول البخاري-رحمه الله تعالى-: "باب نسيان القرآن، وهل يقول نسيت آية كذا وكذا": "كأنه يريد أن النهي عن قول نسيت آية كذا وكذا ليس للزجر عن هذا اللفظ، بل للزجر عن تعاطي أسباب النسيان المقتضية لقول هذا اللفظ" (٣).
والنبي - ﷺ - أول من يدخل في الخطاب بذلك على راجح أقوال الأصوليين (٤).

(١) لكن قال الحافظ ابن حجر في فتح الباري ٩/٨٦، مرجع سابق: "قد أخرج بن أبي داود من وجهٍ آخر مرسل نحوه ولفظه: (... أعظم من حامل القرآن وتاركه) -في معرض التهديد بأكبر الذنوب- ومن طريق أبي العالية موقوفاً: (كنا نعد من أعظم الذنوب أن يتعلم الرجل القرآن، ثم ينام عنه حتى ينساه) وإسناده جيد، ومن طريق ابن سيرين بإسنادٍ صحيح في الذي ينسى القرآن: (كانوا يكرهونه، ويقولون فيه قولاً شديداً)، ولأبي داود عن سعد بن عبادة مرفوعاً: (من قرأ القرآن ثم نسيه لقي الله وهو أجذم) وفي إسناده أيضاً مقال، وقد قال به من الشافعية أبو المكارم الروياني، واحتج بأن الإعراض عن التلاوة يتسبب عنه نسيان القرآن، ونسيانه يدل على عدم الاعتناء به، والتهاون بأمره... ".
(٢) وانظر في هذا الموضوع: تفسير ابن كثير ٤/ ١١٨، والقرطبي ١٦ /٣٠، مرجعان سابقان، وبين أن المراد " النسيان الكامل" واصلاً حد الترك لا النسيان الذي يغلب، ومصنف ابن أبي شيبة ٦/١٢٤، والترغيب والترهيب ٢/٢٣٢، وفتح الباري ٩/٨٠، مرجع سابق، ونيل الأوطار ٢/ ١٦٠.
(٣) فتح الباري ٩/٨٥، مرجع سابق.
(٤) انظر: نثر الورود على مراقي السعود ١/ ١٨٨، مرجع سابق عند قول الناظم في باب الأمر:
وآمرٌ بلفظةٍ تَعُمَّ هلْ دخل قصداً، أو عن القصد اعتزل،
وفي ١/٢٦١ عند قول الناظم في باب العام:
وما يَعٌمُّ يشمل الرسولا وقيل لا، ولنذكر التفصيلا
حيث ذكر الشارح في المسألة ثلاثة أقوال.


الصفحة التالية
Icon