وبعد هذا الاستعراض لبعض أدلة وجوب حفظ النبي - ﷺ - لألفاظ القرآن الكريم، فإن الكلام على هذه المسألة غمطٌ لها، والتعريف بوجوب الحفظ على النبي - ﷺ - لألفاظ القرآن تعريفٌ بما هو كالضرورة، بل إنَّ هذه المسألة مما تصورها كافٍ في بدهية الحكم عليها، والاستدلال عليها تضييعٌ لها... إنما أُريد الإشارة المجردة؛ ليعلم الذين آمنوا كم أُحيط بألفاظ هذا الكتاب الكريم من رعاية.
الفصل الخامس
دمغ الباطل
وفيه مبحثان
وفيه يذكر الباحثُ بعضَ العوامل المقدوح بها في دقة تلقي النبي - ﷺ - ألفاظ القرآن الكريم من جبريل - عليه السلام - من منظور البحث وزاويته، فبعدما توافرت عوامل الإيجاب على تحرير متعلقات موضوع تلقي النبي - ﷺ - ألفاظ القرآن من جبريل - عليه السلام -، وجبت الإشارة إلى نفي عوامل السلب عن ذلك التلقي من حيث خصوص هذا الموضوع، فكان هذا الفصل منعقداً لهذه الغاية.
... ودَحْضُ ما يقدح به في هذا الموضوع داخلٌ ضمن ما سبق، فبمجرد معرفة طبيعة الوحي القرآني، وإنزاله، وتعليمه، وتَعَلُّمِه بين النبي - ﷺ - وجبريل - عليه السلام - تُدْحضُ كل شبهةٍ، ولكن مرضى العقول، وسَقَمَة القلوب قد تعتريهم نفثات الشياطين، فيورون زَنْدَ الشبهة، ليوقعوا غيرهم في البلبلة والاضطراب التصوري لحقائق القضايا الاعتقادية، وليس الأمر مع الصنف الأول مستلزماً النقاش لفساد الأصل الذي يتكئون عليه، إلا أن النقاش يكون مع من يتأثر بعقابيل أقوالهم، وخبال زللهم... ومجموع الشبه الواردة في باب تلقي النبي - ﷺ - ألفاظ القرآن من جبريل - عليه السلام - مَرَدُّها إلى جهتين: