٨ - استحالة تغيير هيئةٍ من هيئات أدائه - ﷺ - فضلاً عن حرف من حروفه؛ لقوله - سبحانه وتعالى - ﴿ وَإِذَا تُتْلَى عَلَيْهِمْ آيَاتُنَا بَيِّنَاتٍ قَالَ الَّذِينَ لا يَرْجُونَ لِقَاءَنَا ائْتِ بِقُرْآنٍ غَيْرِ هَذَا أَوْ بَدِّلْهُ قُلْ مَا يَكُونُ لِي أَنْ أُبَدِّلَهُ مِنْ تِلْقَاءِ نَفْسِي ﴾ "يونس/١٥"، وللأمر الإلهي المقترن بالوعد في قوله - سبحانه وتعالى - ﴿ إِنَّ عَلَيْنَا جَمْعَهُ وَقُرْآنَهُ ﴾ "القيامة/١٧"، كما تقدم (١).
٩-بحراسة الرسول - ﷺ - من أن يأتيه عدوٌ غيبيٌ يناله بسوءٍ في نفسه أو وحيه: هذه الحراسة تُثَبِّتُ قلب النبي - ﷺ -، وتزيد المؤمنين إيماناً، وتدحر تخرصات المشركين، وذلك كما قال - سبحانه وتعالى - :﴿ عَالِمُ الْغَيْبِ فَلَا يُظْهِرُ عَلَى غَيْبِهِ أَحَدًا(٢٦)إلاّ مَنْ ارْتَضَى مِنْ رَسُولٍ فَإِنَّهُ يَسْلُكُ مِنْ بَيْنِ يَدَيْهِ وَمِنْ خَلْفِهِ رَصَدًا(٢٧) لِيَعْلَمَ أَنْ قَدْ أَبْلَغُوا رِسَالاَتِ رَبِّهِمْ وَأَحَاطَ بِمَا لَدَيْهِمْ وَأَحْصَى كُلَّ شَيْءٍ عَدَدًا ﴾ "الجن /٢٦- ٢٨".
فقوله - سبحانه وتعالى - :﴿ فَإِنَّهُ ﴾ عائد إلى الله - عز وجل -، ﴿ يَسْلُكُ ﴾ وهو لا محالة عائد إلى الله - عز وجل -، كما عاد إليه ضمير ﴿ فَإِنَّهُ ﴾، والثالث والرابع ضميرا ﴿ مِنْ بَيْنِ يَدَيْهِ وَمِنْ خَلْفِهِ ﴾ وهما عائدان إلى ﴿ رَسُولٍ ﴾، أي فإن الله يسلك، أي يرسل للرسول ﴿ رَصَدًا ﴾ من بين يدي الرسول ومن خلفه، أي ملائكةٌ يحفظون الرسول - ﷺ - من إلقاء الشياطين إليه ما يخلط عليه ما أطلعه الله - عز وجل - عليه من غيوبه، والمراد بـ ﴿ مِنْ بَيْنِ يَدَيْهِ وَمِنْ خَلْفِهِ ﴾ الكناية عن جميع الجهات، والمراد من تلك الكناية السلامة من التغيير والتحريف.