وهذا في الأحداث الواقعية، فكيف يكون الشأن في أمر يتعلق بالوحي القرآني الإلهي، وقد اتُخِذَت له كل الوسائل الإلهية المحضة، والبشرية المُعانة إعانة إلهية ليقرأه كما أنزله الله وهو البلاغ الخاص ؟، ونموذج ذلك: ما رواه سهل بن سعد الساعدي - رضي الله عنه - أنه قال: رأيت مروان بن الحكم جالساً في المسجد، فأقبلت حتى جلست إلى جنبه فأخبرنا أن زيد بن ثابت أخبره أن رسول الله - ﷺ - أملى عليه ﴿... لاَ يَسْتَوِي الْقَاعِدُونَ مِنْ الْمُؤْمِنِينَ وَالْمُجَاهِدُونَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ بِأَمْوَالِهِمْ وَأَنفُسِهِمْ ﴾ "النساء/٩٥" –قال-: فجاء ابن أم مكتوم وهو يمليها عليّ، فقال: يا رسول الله! لو أستطيع الجهاد لجاهدت، وكان رجلاً أعمى، فأنزل الله - سبحانه وتعالى - على رسوله - ﷺ - وفخذه على فخذي، فثقلت علي حتى خفت أن تُرَض فخذي، ثم سُرِّي عنه... فأنزل الله - عز وجل - ﴿ غَيْرُ أُوْلِي الضَّرَرِ ﴾ (١).
٥- القوة: كما قال تعالى ﴿ ذُو مِرَّةٍ فَاسْتَوَى ﴾ "النجم/٦" أي هو صاحب جسمٍ "في قوة وقدرة عظيمة على الذهاب فيما أمر به، والطاقة لحمله في غير آية النشاط والحدة، كأنه ذو مزاج غلبت عليه الحدة (٢)، فهو صعب المراس، ماضٍ في مرارته، على طريقة واحدة على غاية من الشدة لا توصف" (٣).
ويأتي تفصيلها في المطلب الثاني -إن شاء الله تعالى-.

(١) صحيح البخاري ٣/١٠٤٢، مرجع سابق.
(٢) المراد الجد والقوة، وليس الغضب.
(٣) انظر: (البقاعي) برهان الدين أبو الحسن إبراهيم بن عمر (ت٨٨٥هـ): نظم الدرر في تناسب الآيات والسور ١٩/٤٤، ١٤١٣هـ، ١٩٩٢م، ط٣، المكتبة التجارية، مكة المكرمة.


الصفحة التالية
Icon